فجعت مصر كلها بكارثة اغتيال 25 شهيداً من جنود الأمن المركزي على ثرى سيناء الغالية بطريقة بشعة تجرد مرتكبوها من أبسط معاني الإنسانية، وهي فاجعة تثير الكثير من الأسئلة والشبهات حول طبيعتها وتوقيتها، وهي في كل الأحوال دليل إدانة جديدة للانقلابيين، الذين صبغوا وجه مصر بالدماء، وملأوا شوارعها بالأشلاء، وأقاموا في كل بيت مصري سرادق عزاء، وبعثوا في النفوس فزعا وترويعاً بتصرفاتهم المجافية لكل منطق أو عقل أو إنسانية.
فإذا كانت كارثة استشهاد الجنود من تدبير بعض الإرهابيين فلذلك دلالته على أن سلطة الانقلاب انشغلت عن واجبها في تأمين شعبها وحدودها فأعطت الفرصة لأولئك الإرهابيين لارتكاب جريمتهم الخسيسة، وهذا ما طالما حذرنا منه الجيش والشرطة حين تنشغل بالسياسة عن الأمن، وتلاحق المعارضين بدل المجرمين.
وإذا كانت تلك الكارثة من تدبير سلطة الانقلاب نفسها للتغطية على جرائمها الكبرى وآخرها قتل وتعذيب المعتقلين بأبي زعبل فذلك جرم أخطر وأكبر، أن تضحي آلة الانقلاب الدموي بهؤلاء المساكين اليوم لتغطية هذه الجريمة، ثم تضحي بغيرهم غدًا لتغطية جرائمها المتجددة، وهكذا تدخل نفسها في دوامة من دماء الشعب لا آخر لها إلا أن تغرق مرتكبيها وتحرق فاعليها.
وقد استند القائلون بأن هذه الجريمة من تدبير الانقلابيين على قرائن كثيرة، منها تضارب الروايات الرسمية، ومنها الطريقة البشعة التي تمت بها تصفية الشهداء، ومنها التوقيت الذي جرت فيه، ومنها أنهم جميعاً كانوا بزي مدني وفي سيارات ركوب مدنية، ولم نعرف ماذا حصل للسائقين وأين هم وما روايتهم.. إلى غير ذلك من القرائن.
وفي نادرة أثناء البث التليفزيوني الرسمي لجنازة الشهداء ظهر صوت شاب يبكي، ثم قدمه المذيع على أنه شقيق أحد الشهداء، ادعى أنه علم بخبر استشهاد شقيقه من أحد المارة الذي وجد هاتف شقيقه تحت عجلات الحافلة التي كانت تقل الجنود، هذا مع أن الصورة التي عرضها التلفاز كانت للشهداء مقيدة أيديهم إلى الخلف وملقون على بطونهم دون وجود أية سيارات على الإطلاق، وهذا يعيد للأذهان تلك الروايات المكذوبة التي يدعيها الإعلام المصري على ألسنة بعض المواطنين ويساعد على الشك في تورط الأجهزة المعنية في الجريمة.
أسأل الله أن يتقبل الشهداء بواسع رحمته، وأقدم خالص العزاء لذويهم ولشعب مصر، وأدعو الله أن يثأر لهم ممن قتلهم أو حرض على قتلهم، وأن يحفظ مصر من كيد الكائدين.
* المتحدث الرسمي باسم الإخوان المسلمين
د.محمود غزلان
اغتيال الجنود مسئولية الانقلابيين 1272