في زمن يتداول فيه الناس الإبداع والمبدعين بوصفهم سلعة تجارية يحتاجون إليها وقت إرادتهم ويتخلون عنها وقتما يشاؤون, يأتي منهم بالمتعارف عليهم بالمساهمين أو العاملين بنظام القطعة في المؤسسات الحكومية والقطاعات الخاصة وخصوصاً في المجال الإعلامي والذي يعد البيئة الأسوأ لدفن طموحاتهم.. المبدعون أو المساهمون ومساوئ التفرقة العنصرية بينهم وبين زملائهم من الموظفين الرسميين بالرغم من كفاءتهم, حكايات لا حدود لها, إعلاميون بنظام القطعة أثقلت الأعمال كاهلهم خلال شهر رمضان المبارك وأيام العيد, ورغم ظروفهم الصعبة إلا أنهم أنجزوا أعمالهم بجدارة سواء أكانوا في الجانب الإذاعي أو التلفزيوني, بانتظار أن تعطى لهم حقوقهم كاملة في أيام لا تقل قساوة المعيشة فيها عن قساوة الإدارة العليا المتمثلة بوزارة الإعلام وما يندرج تحتها..
ومع كل الوعود بالتقدير وإعطاء الحق المنهوب لا يجد المساهم إلا صفعة في جبينه ليدير خده الآخر بانتظار الصفعة الأخرى, وهي أن سقفه المالي قد ارتفع ولا يجوز تخطيه.. قوانين وضعها من أغشت على أسماعهم وأبصارهم لوائح الطمع والغل والحسد.. وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يتم تكليفهم بما هو فوق طاقتهم من أعمال ليذهب جهدهم هباء منثورا, وكأنهم فئة مهمشة أخرى أدرجها المجتمع ضمن فئاته التي اعتاد من يعتقدون أنهم الطبقة الأرقى إيجادها؟.
مساهمون تحت ضغط الحياة وحب العمل وآمال التعاقد معهم, إن لم يكن التوظيف, صارت مستحيلة, ملفاتهم اصفرت داخل أدراج تخلو من الوساطة والمحسوبية ووزارة إعلام غائبة عن الوعي ووزير لا هم له سوى تزوير توقيعات وهمية بحثاً عن الخلاص من حق مطلوب.. مبدعون أنهكهم الزمن ورسم بصماته الواضحة على ملامح قلوبهم قبل أجسادهم ليتوفى الواحد تلو الآخر وفي يده الأولى ورقة تطالب بحقوقه وفي الثانية ملفه للتوظيف, مكتوب تحته (مبدع بنظام القطعة).
مايا العبسي
إعلاميون مبدعون.. بنظام القطعة 2088