;
خالد اليافعي
خالد اليافعي

استبداد في زمن الحرية 1466

2013-08-20 07:14:24


على الرغم من مرور أكثر من خمسة عقود على انتهاء الاستعمار العسكري منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي إلا أننا لا نزال نكتوي ببعض مخلفات وآثار ذلك الاستعمار البغيض، لم يرحل الاستعمار بسلام، ولكن ترك لك بعض الألغام والقنابل الموقوتة التي مازالت تداعياتها حاضرة بيننا إلى اليوم.
بعقل حاقد بغيض ترك لنا حدود مصطنعة نختلف عليها ثم نتقاتل من أجلها، ترك لنا أرض منهوبة خيراتها وواقع أليم يصعب ذكر تفاصيله، لكن من أسوأ ما ترك لنا ذلك الاستعمار هي تلك النخبة العسكرية والمدنية التي سلمها – بشكل أو بآخر – مقاليد الحكم والتي مازالت – في كثير من الأقطار العربية – جاثمة على صدور الشعوب باسم القومية والثورية وحماية الأوطان.
هذي النخبة جزء منه انسلخ من هويته ليصبح تابعاً للاستعمار ولو مندوباً لهم في وطنه، وجزء آخر ضلل عليه أو افتتن بتلك الحضارة المزعومة وما كان لديهم من أدوات، وجزء آخر ركب موجات تحرر الشعوب العربية ورغبتها في الحرية والكرامة وتسللوا إلى السلطة عن طريق القوة وصاروا يتحكمون بالحديد والنار ومازالت أثآرهم الكارثية حية ناطقة بيننا إلى اليوم.
أغلب الدول العربية بعد طرد الاستعمار حكمتها قيادات عسكرية والبعض مازال إلى اليوم سوريا، الجزائر، مصر، ليبيا وغيرها من البلدان أذاقوا الشعوب جميع ويلات ومآسي الحياة وعاثوا في الأرض الفساد الذي لم يذكر لنا التاريخ مثله.
من تلك الجرائم أحداث حماه في سوريا التي راح ضحيتها أكثر من 20 ألف من المدنيين الأبرياء، أحداث المنشية وغيرها التي قتل فيها جمال عبدالناصر الآلاف وسجن عشرات الآلاف، تبديد ثروات الشعوب يميناً ويساراً في أمور تافهة وفي مصالحهم الشخصية في ظل وجود فقر لا معقول، كل هذه من جرائم العسكر الذين أداروا ولا زال بعضهم بعض الأقطار العربية، لكن المضحك ان العقلية العسكرية لم تتغير بعد عقود من الزمن، في ظل تغير للعالم أجمع وتطور تقني وإعلامي وفضائيات ومواقع تواصل اجتماعي، مع هذا العقلية العسكرية لا تتغير.
العقلية العسكرية لا تعترف بشيء اسمه الديمقراطية، لا تعترف بالحرية والكرامة وحقوق الإنسان، لا تعترف بالرأي والرأي الآخر، تعترف فقط بشيء اسمه الطاعة العمياء، بالاستبداد والدكتاتورية لا غير.
من يقنع العقلية العسكرية أن هناك ألف قناة فضائية بديلاً لقناته الرسمية، من يقنع العسكر ان هناك جيلاً من الشباب مستعد للموت من اجل الحرية، من يقنع العسكر القدرة على جمع مليون شخص للتظاهر بضغطة زر، من يقنع العسكر انه في نفس اللحظة التي ينتهك فيها حقوق الإنسان سوف يفضح ويشاهده العالم أجمع.
مع هذا كله؛ العقلية العسكرية مدربة ومجهزة على خوض الحروب والمعارك واستخدام كافة أنواع الأسلحة وعمليات الزحف والانسحاب وغيرها، لكنها في نفس الوقت عاجزة عن مواجهة جيل جديد من الشباب يواجه آلة الحرب بصدور عارية، انهزم الرصاص أمام هذا الجيل، عجز العسكر عن مواجهة الفيس بك الذي اسقط آخر فرعون في مصر.
شيماء عوض.. لن ينساها تاريخ مصر الثورة، بضغطة زر في حسابها على تويتر أبهرت العالم، خاطبت العالم، نقلت وقائع لكل القنوات لحظة بلحظة، عرت الإنسانية لمن كان لا يزال يدعي – زوراً – الإنسانية.
بماذا تستطيع أن تواجه شيماء أيها العسكر ؟ هل ستستخدم الآر بي جي لقصف حسابها أم سترسل طائرة بدون طيار أم ستحرك جنازير الدبابات لتدوس على الأحرف والكلمات التي عرت صورتكم أمام العالم. أنها معركة غير متكافئة لكن نتائجها محسومة للسلمية والصدور العارية ضد زخات الرصاص الآثمة.
بكل لغات العالم، بكل العمليات الحسابية، بكل كلمات المنطق، بكل فلسفة للمقاومة والثورات الجديدة، العسكر في معركة خاسرة مع هذا الجيل الذي يمتلك أسلحة اقل كلفة لكنها اكثر فتكاً، فقط لان الجيوش والعسكر لم يخوضوا مثل هكذا معارك.
انتهى زمن العسكر، من يستطيع إقناع العسكر، قوة السلاح لم تعد تجدي مع هذا الجيل الثائر لكن.. عبثاً يحاولون.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد