النظام العالمي ومنذ انطلاق ثورات الربيع العربي حاول جاهدا أن يروض الإخوان المسلمين للقبول بقيام أنظمة جديدة وفق للشروط الأمريكية (عملاء أو أنصاف عملاء في الحد الأدنى), لكنهم قوبلوا بسقف مرتفع يطالب بالشراكة والندية في صناعة القرار بالمنطقة وهو ما عبر عنه مرسي في خطابة الأول ولذلك غضب الأمريكان وحلفائهم وبدأوا يفكرون في عملية تأديبية للجماعة من جهة ولثورات الربيع العربي في سوريا وليبيا وتونس واليمن الهدف من هذه العملية تقليم أظافر الحركة وامتداداتها في الحد الأدنى, أما السقف الأعلى هو إزاحتها من المشهد السياسي وسواء تحققت أهداف العملية أم لم تتحقق فالقوى الغربية وعلى رأسها الأمريكان لن يخسروا شيئاً (وجهة نظرهم), فمن سينفذ العملية الجيش المصري وبقايا الأنظمة ودول الخليج بينما يكتفوا هم بلعب دور المتفرج أو المصلح إلى حين وصول الرسالة للجماعة ولقادة الربيع العربي بأن هامش اللعب في الساحة محدود واي خروج عنه سيواجه بالتآمر العالمي والإقليمي والمحلي.
إلى أي مدى ستصعد الأطراف؟:
السؤال لمطروح الآن: إلى أي مدى سيستمر الانقلابيون ومن خلفهم الإمارات والسعودية والأمريكان؟, وهل نية القتل وارتكاب المجازر ستستمر بحصد أرواح المصريين في واحدة من ابشع جرائم الإبادة الجماعية في مصر بتاريخها الحديث والمعاصر؟, وهل النظام قادر على التماسك في ظل تدهور مستمر للاقتصاد والاستقرار وازدياد حالة الانقسام الاجتماعي وتزايد حال السخط في الشارع المصري؟, وهل الزمرة المتآمرة مستعدة للمغامرة بتصدير الانقلاب لبقة دول الربيع العربي؟, وهل حركة الإخوان ومعها القوى الثورية في الربيع العربي سيقفون مكتوفي الأيدي؟, وهل قادرون على استخدام أوراق إضافية إلى جانب الورقة الشعبية سواء اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو حتى عسكرية لإرسال رسائل للانقلابين وداعميهم الإقليمين والدوليين للتراجع عن مخطط إجهاض إرادة الشعوب في المنطقة؟.
من خلال هذه لتساؤلات نعتقد أن هناك مساحة زمنية تركتها كل الأطراف لبعضها لمراجعة مواقفها وساعة الصفر.. إذا لم تكن هناك بوادر إيجابية فإنا مقبلون على حروب استنزاف في المنطقة ومقبلون على تحالفات جديدة قد تقود لفوضى جديدة في المنطقة سيكون الجميع فيها خاسراَ ولن تستثني أحداً سواء دول الخليج أو العسكر في مصر والقوى الليبرالية أو المصالح الغربية وخاصة الأمريكية, لأن حالة السخط اليوم في الشارع العربي لن يشهد لها مثيل قط.
نتائج الانقلاب:
لعل أبرز نتائج الانقلاب العسكري في مصر من وجهة نظري تتلخص في الآتي:
1- انكشاف قناع دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان وتراجع فكرة التداول السلمي عبر الصناديق لحساب الأمر الواقع والأقوى والعنف.
2- تزايد حل السخط من السياسة الخليجية والأمريكية في المنطقة وهو ما قد يفاقم حالة الاستقطاب من قبل الإيرانيين والجماعات الإسلامية المؤمنة بالقوة لتخليص الأمة من شرورهم.
3- سقطت شعبية قوى كثيرة في نظر المصريين وكذلك رموز إسلامية وسياسية وستطال نظرائهم في المنطقة ونتائج أي انتخابات نزيهة قادمة ستؤكد ذلك.
4- المؤامرة على الإخوان في مصر لن تكسر عضمهم بحكم تاريخهم الصمودي الطويل, لكنها زادتهم تعاطفا شعبيا واستعادة ما فقد منها, بل وستزيدهم نضجا ووعيا وحنكة رغم خسائرهم البشرية والمادية والمعنوية.
5- الانقلاب في حال نجاحه لا سمح الله هو بداية لمرحلة تدخل أجنبي سواء مباشر أو غير مباشر في المنطقة بدت ملامحه من التواجد العسكري المتزايد في بحر العرب والأحمر والخليج والمتوسط واستدعاء القاعدة بشكل ملفت وقد يكون هناك سايكس بيكو جديدة.
6- أما في حال نجاح حركات التحرر في الإفلات من مرحلة التآمر فإننا مقبلون على مرحلة توازن قوى في المنطقة سيكون لدول الربيع العربي وحلفائهم بصمة في كل أحداث المنطقة.
وأخيراً نذكر للتاريخ فقط أن مصر حسمت كثيراً من مصائر التدخل في شؤون المنطقة سواء الصليبية أو المغولية أو التتارية, أو حتى في الحرب العالمية فستحسم هذه المعركة مصير الهيمنة الأمريكية.
فؤاد الفقيه
صراع عالمي على ضفاف النيل 1353