في ربيع الأحزان يحار القلم .. ماذا يقول؟!.. شعوري بأمتي واسع باتساع التاريخ.. انتماء لا يحده زمان ولا مكان ولا عرق ولا جنس.. ربما لذلك يعظم الألم ويعجز القلم, ويصيبه خرس, ويلف حروفه وجوم عندما يكبر الجرح.. جرح بحجم الانتماء أللامحدود!
ألم باتساع تعاطف كبير, حتى مع نوع الإنسان في كل مكان.. جمد الوجدان قبل القلم يوم سالت الدماء البريئة وغطت أرض مصر! ذبحوهم, وسحلوهم, وحرقوهم بقلب ميت!! وخرجت الجموع لتشييع الشهداء, وتشييع الضمير العربي والعالمي!!
تصريحات من هنا وهناك تدعم السيسي في قتله الإرهابيين!! فهل الأطفال والشيوخ والنساء, والمعتصم المناهض سلمياً للظلم والدكتاتورية إرهابي؟!!
من يظن نفسه ذلك المتشدق الواصم البريء بخبيئته الخبيثة؟! عندما يتفاحش الجرم ويتواطأ الكبراء على سحق الضعفاء, ويموت الضمير الإنساني, حينها تتدخل الإرادة الكونية, وحتما على الباغي ستدور الدوائر.. وحينها لن ألوم نفسي عندما يغيب تعاطفي عن هؤلاء المتوحشين الذين تمالأوا, واستباحوا الدماء البريئة, ربما لأني ما عدت أراهم من النوع البشري, أو ربما هو غضب اشتعل كنار حصرت منطقة الشعور في جريمة عظيمة, لم تكن الأولى من نوعها في ربيع الألم!!
الدماء تسيل في كافة بلدان الربيع العربي , وتحصد رؤوس الأبرياء , دون خوف أو خجل!! المصيبة أن الجميع مسلم, وربما يعلو صوته بالتكبير وهو يسفك دم أخيه المسلم بلا رحمة, وبلا جناية!!
ألم تكن من وصاياه الأخيرة (صلى الله عليه وسلم) "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض؟ أليست شريعته ـ التي يتذرع بها الجميع ـ تقول: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر؟ هل صرنا في زمن "الهرج" الذي أخبرنا عنه نبينا محذرا, وواصفا إياه بقوله" لا يدري القاتل فيما قتل ولا المقتول لما قُتل؟!".
ويتراشق الجمهور المتابع لمقتل المعتصمين السلميين التهم حول من هو المسئول عن سفك هذه الدماء؟ قطعا المسؤولية مشتركة ولكن بنسب, فليس المسالم المطالب بحق مشروع ومكفول بكافة الدساتير كمن انقلب وبغى واعتدى وصال وجال, وخان, وأفسد في البلاد..
والآن يريدون كتم أصوات نصف الشعب المصري, وإقصائهم وتجريمهم, ووصمهم بالإرهاب؟!! يريدون سحق الإخوان, غافلين عن حقيقة أن اليوم ليس كالبارحة, فالإخوان أعدادهم اليوم بالملايين!!
في النفس أشياء مما كان وما سيكون, لكن المقام لا يحتمل, وقد سبق السيف العذل, وتسلط على مصر رؤوس جهل, خطواتهم دمار, وسهامهم طيش ونزق.. أشعلوا نيران فتنة عظيمة في أرض الكنانة, ستذهب بالمودة والتراحم بين ناسها بعضهم البعض, وبين الناس والجيش, وسنحتاج لقرون لردم هذا الشرخ العميق في الضمير العربي والعالمي, وشفاء مصر وقلوب أهلها من وجع الجريمة وآثارها المدمرة, والتي لا يعلم مداها سوى الله تعالى!..
اللهم اجعل عاقبة إخواننا في مصر سلامة, وخاتمة ربيعهم رشدا
نبيلة الوليدي
زمن الهرج !! 1720