الفيس بوك وسيلة تواصل عصرية باهرة ومدهشة انتجتها تجليات العقل الانساني المذهل في التفكير والاختراع، فهذه الوسيلة التي هي في متناولنا اليوم وبكل بساطة كانت إلى عهد قريب غير واردة في خيالنا بل ولم نكن نتصور مجيئها بهذا السعة والشمول لرغباتنا التي لا تنتهي عند حدود.
ما أود قوله إن هذه الوسيلة التواصلية بين بني الإنسان ذات منافع لاتُعد إذا أحسنا التعاطي معها بعقول متبصرة لا بعقول متكلسة, فلنا الاختيار أن نجعل منها وسيلة مُثلى للتواصل مع الآخرين لإفادتهم والاستفادة منهم، ثم لنا أن نستزيد مما يطيب لنا من المعارف والعلوم والتجارب، والتعبير في ذات الوقت عما يدور في عقولنا وإبداء آرائنا تجاه كثير من الأمور دون خوف أو رقيب إلا من رقيب الضمير.
وأكثر من ذلك أن هذه الوسيلة تتيح الفرص للناس من كل الأجناس في شتى بقاع الأرض للتعارف وتبادل المشاعر وتنمية العلاقات إلى مستوى الإحساس أننا بتنا في هذا العالم على قدر سعته نعيش في قرية صغيرة كما يتردد بفعل التقدم التكنولوجي, وبالمجمل فإن إيجابيات هذه التقنية تطول قائمة منافعها.
أما مساوئها فعائدة إلى مستوى وعي البشر فحيث الوعي المتدني جداً جداً يكون الفيس بوك في كثير من الأحيان مساحة مربكة للمُشاهد اللبيب وهو يرى البعض يمارس تخلفه المشين بالترويج للجهل وحبك الأكاذيب وشد الناس إلى الترهات الكابحة للتقدم وأكثر سوءا من هذا السعي إلى شرذمة الناس وبتوجه غير محسوب لمخاطره، فبدلاً من مضاعفة الجهد والدأب للاصطفاف والتآلف المجتمعي إزاء المصالح المشتركة وبما يحقق أمان وتواؤم اجتماعي شامل لا تكون فيه ممايزة لأحد إلا بقدر تفرده بمعرفته ونُبل مسلكه تجاه الكل ولا يهُم من أين يكون.
ترى البعض للأسف يسعى ومن على وجه هذه الوسيلة العصرية لاسترجاع الماضي الأسود من خلال الترويج لإعادة إحياء النوازع القبلية المتخلفة والتي كنا قد استرحنا من انقراضها كثيراً لفداحة مآسيها وثُقل بلاويها على الاستقرار المجتمعي حيث تتعطل الطاقات والمواهب وينشغل الناس بما يظُر بعضهم بعضا . بكامل الصراحة أقول أنه من المحير جدا أن تستغل مساحات المعرفة للترويج لكيانات ضيقة من مثل تلك التجمعات المناطقية، ولقد بلغ الأمر أن يلغي البعض اسم والده ويحط محله اسم منطقته, ثم أن الأكثر مدعاة للأسى هو أنه على أثر هذه البليّة ترى البعض لم يعد منشدّاً لمطالعة ما يستوجب مطالعته على الفيس بوك قدر ما يشُدُّه كثيراً أن يضع (لا يك ) للذي هو من منطقته ومن غير أن يقرأ موضوع صاحبه على الأرجح ولكم أضحكني أحدهم عندما أورد في زاويته على الفيس بوك مقطع من قصيدة كانت للأمانة مذيّلة باسم شاعرها ولكن صاحبه الذي دمغ بليكه لم يقرأها كما يبدو واستوضحت الأمر جيداً من تعليقه وهو يقول:(أنت مبدع زيد, زيد من هذا الإبداع ) طبعاً المبدع الحقيقي هو الشاعر / أحمد مطر ، فعلى من يا ترى الوزر؟!!
قائد دربان
هواجس فيسبوكية! 1459