منذ أكثر من عشرين عاماً، سبق جون كيري الكثير من وزراء الخارجية والمبعوثين الأمريكيين مثل هيلاري كلنتون، وكوندا ليزا رايس، وكولن باول، ومادلين أولبرايت، ودينس روس، وجورت ميتشل وغيرهم في زيارات مكوكية للمنطقة، في أطار التوسط لتحقيق تسوية للصراع العربي الإسرائيلي، فضلاً عن تشكيل اللجنة الرباعية الدولية عام 2002م والتي عينت عام 2007م ( توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق) مبعوثاً لها لتنشيط محادثات السلام وتم إنتاج ما عرف بخارطة الطريق، وما عرف برؤية بوش بشأن "حل الدولتين " وكان نتيجة ذلك الدوران في حلقة مفرغة وتقطيع الوقت. فيما تتفاقم معاناة الشعب الفلسطيني وتوال إسرائيل فرض إجراءات الأمر الواقع، مثل بناء المستوطنات وتهديد المقدسات والتنكيل بالفلسطينيين وفشل تلك الجهود يعود لتجاهل حقيقة أساسية، وهي أن تحقيق تسوية يتطلب ممارسة ضغوط حقيقية على الجانب المعتدي لكن ما يحدث هو العكس، الانحياز للمعتدي وممارسة السياسية والاقتصادية على الطرف الفلسطيني وهو ما يقوم به جون كيري في جولته الخامسة الحالية منذ توليه منصب وزير الخارجية قبل عدة أشهر والهدف الأساسي هو تحقيق خرق شكلي بعودة الجانب الفلسطيني للجلوس مع الإسرائيل على طاولة المفاوضات بدون أي ضمانات أو التزامات أميركية بشأن نتائج المفاوضات وقضايا الحل النهائي.
المشكلة التي تواجه كيري وغيره من الوسطاء في مطالبتهم الفلسطينيين بتقديم تنازلات أنهم لا يلحظون حقيقة أن الجانب الفلسطيني يقف منذ سنوات على الحائط ولا تستطيع أي سلطة سواء كان يقودها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أو غيره الاستجابة لهذه الضغوط بعد أن التهمت المستوطنات الإسرائيلية والجدار العازل الجزء الأكبر من أراضي الضفة الغربية, بل انه مع استمرار بناء المستوطنات لم يتبق شيء يهم يمكن أن يتم التفاوض عليه!.
يسابق كيري الوقت لاستئناف المفاوضات قبل موعد الدورة العادية للجمعية العامة لإعفاء إدارة أوباما من الحرج لعدم قدرتها على فعل شيء إزاء الغطرسة الإسرائيلية، وهي التي مارست ضغوط هائلة على الجانب الفلسطيني العام الماضي لثنيه عن التقدم بطلب الاعتراف بدولة فلسطينية "رمزية" غير عضو في المنظمة الدولية وبررت ذلك بأن حل الصراع يتم من خلال المفاوضات وتعهدت في حينه بتكثيف الجهود لتحريك عملية التسوية، لكننا اليوم نرى عجزاً أميركياً واضحاً عن إقناع إسرائيل باتخاذ أي إجراءات عملية لخرق بيئة تشجع أوباما البيت الأبيض وسقطت خلال السنوات الخمس الماضية كل الرهانات العربية عليه في انه سيحقق خرقاً في عملية التسوية وهو الذي نال جائزة نوبل للسلام في مستهل ولايته الأولى في سابقة تاريخية أن تمنح الجائزة لشخصية قبل أن تحقق خطوة عملية فيستحق السلام, فهل يمتلك الرجل إرادة سياسية جدية لتسجيل إنجاز حقيقي والوقت يمضي لانتهاء فترة حكمة وقد عانى الفلسطينيون والعرب من خيبات الأمل من الإدارات الأمريكية سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية, فجميعها كانت تضع مصالح إسرائيل وأمنها في مقدمة أولوياتها.. وقالوا مفاوضات وهي في الأساس ليست سوى ضياع وقت ولعبة مفاوضات ليس إلاّ!, "ودوخيني ياليمونة".
أحمد عبدربه علوي
لعبة المفاوضات!! 1333