تشتتنا وتفرقنا واختلفنا بطرق عبثية لا تخدم سنة الحياة "بالاختلاف" وديمومة بقائنا، إذ أصبحنا نجيد التمترس نصرة لما نؤمن به، وإن كان الثمن فناء كل مخالف.
هكذا نحن نمتهن كل إرادة لنا ونضعفها لصالح العدو الذي يتربص بنا، ليستعبدنا بطرق وحشية، وهنا لم يتبق لنا سوى خياران, إما أن ننبذ الفرقة ونؤمن بأن الاختلاف سنة لديمومة الحياة، وإما أن نوطن الكراهية ونغدو فرقا وأحزابا متناحرة أكثر من ذي قبل وبهذا نقدم عبوديتنا بالمجان ونورثها لأجيال عدة.
قتلى هنا وهناك بطائرات أميركا وبدعوى محاربة الإرهاب ويتم إعلان مقتلهم " يشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة".
الطائرات التي بلا طيار, بلا قلب وبلا ضمير من سمح لها بإزهاق الأرواح؟ تقتل تحت بند "يشتبه بانتمائهم" وغداً سنصبح جميعاً يشتبه بنا بأننا على قيد الحياة ليتم إسكات أنفاسنا, سؤال لحوح: بالله عليكم كيف لهذه الطائرة أن تشتبه بأحد وإن كان خلفها كل الاستخبارات؟ ثم هل إذا قتل أحد بالخطاء سيتم الاعتراف بهذا أم ستكون الإجابة دوماً "يشتبه بانتمائهم"؟
أحدهم.. ليس أحدهم بل أجمعهم يسخر من أي قول يذهب إلى الحديث عن سيادة الوطن! مقرف جدا هذا الشعور، أن تفقد الثقة بأن لك ولوطنك سيادة يجب أن تحترم، وهذه هي مرحلة العبودية الأولى والمؤشر الخطير لكوننا ماضون نحن العبودية الطوعية.
ليس غريبا على أمريكا كدولة استعمارية نهمة جدا لاستعمار العالم والتدخل في أموره تحت أي ذريعة ليتم السطو على كل مقدرات الشعوب، فلمَ الصراخ الآن؟ الا نعرف الأسباب؟ من السذاجة أن نمتهن الصراخ في وجه الطائرات التي تحصد الموت وقد دلنا الله لمقومات النصر ومصادر رد العدوان الأجدى،" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة " وهو أمر صريح بأن القوة هي الفيصل في الحفاظ على سيادتنا، وقبل هذا لا تتحقق القوة إلا باتفاقنا على محبة الوطن والتكتل لنصرته مهما برزت خلافاتنا واختلافاتنا " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا".
لهذا لنوفر أصواتنا، ونكتفي! لا يجدي مع الضعف الصراخ والشجب, أعدوا لهم أسباب القوة عوضا عن استقوا الأخ على أخيه، ومشاركة الأعداء في إزهاق الأرواح اليمنية.
* غصة وطن:
" يا طيارة يا مسفح.. قولي لأبي يروح "
صغار في قريتي كنا نردد هذه العبارة كطقس يعرفه كل الصغار, كنا ما أن نسمع صوت أحدهم يردد العبارة السالفة حتى نرفع رؤوسنا للسماء ونشاركه الصراخ وتكرار العبارة حتى تختفي الطائرة من مرمى البصر..
شخصيا كنت أحلم أن أصير طيارا، وأن أقفز بالمظلة من علو شاهق، في العاشرة من عمري وجدت شهادة منحت لوالدي رحمه الله في اجتياز دورة المظلات بنجاح وبدأت أتخيل نفسي وأنا بمكان والدي أقفز من الطائرة..
خرجت يومها وأخذت مظلة وقد كانت السماء تذرف المطر، بدأت أقفز المدرجات الجبلية كخطوة أولى لصقل جسدي استعدادا لأن أكون طيارا ناجحا, عدت بمظلة متكسرة تحدب تقعرها.
اليوم أصبح حلمي تذروه الرياح وقد أصبحت الطائرة تمارس العهر في فضاءنا وبدون طيار.
أصبحت متقززا من التحليق حتى بأحلامي، عندما وعيت جيدا كم أصبح هذا الفضاء ملوثا جدا بفضلات "الشيخة العاهرة أميركا".
أحمد حمود الأثوري
الطائرة ال بلا قلب لا تفقه الصراخ 1503