لا نكرر أخطاء الماضي, فقد كشفت الثورات العربية عن كل ضمير حر كان مع الأنظمة السابقة، ثم جاءت الثورات المضادة فكشفت كذلك عن الحثالات الذين كانوا متعلقين بقطار ثورات الشعوب العربية.
وهنا لاحظنا أن ثورة 25 يناير أطاحت بحسني وعائلته فقط، ولكن ظل النظام بكل سلطاته الأمنية والعسكرية والقضائية والإعلامية ووفق مشروع يهدف لإفشال الرئيس مرسي، ثم قاموا بتوفير المال الخليجي والموافقة الأميركية والرغبة الإسرائيلية حتى وصلوا إلى تنفيذ الانقلاب ضد الثورة المصرية التي كانت واحدة من نتائجها فوز الإخوان المسلمون بالسلطة.
والآن الشعب المصري يستكمل ثورته، وعلينا أن ندرك بأن كل بلدان الربيع العربي مرشحة للانقضاض على ثورته بوسائل متعددة, ولن تستقر دول الربيع العربي وبعض حكام الأسر الوراثية في قبضة عقلية حكام الطوائف.
ومن هنا أقول: إن الهدف المشترك الذي يفترض أن تستحضره كل القوى العربية وخاصة الإسلاميين والقوميين وكثيرا من الأطراف الأخرى وفي مقدمتهم يسار الربيع العربي هو الديمقراطية واستئصال الدكتاتوريات المتخلفة، وإقامة الدولة المدنية الحديثة.. وليس من السياسية أو المنطق أن يقوم أي طرف بتجاوز منطق الهدف والمصلحة المشتركة ثم ينطلق في مواقفة من خصومات سابقة يفترض أنها انتهت أو لم تعد – على الأقل – ذات معنى في الوقت الحاضر..
وهنا على العقلاء أن يتساءلوا هل كان الانقلاب العسكري في مصر يهدف – فقط – إلى إسقاط مرسي والإخوان المسلمون ثم تنظيم انتخابات ديمقراطية يفوز فيها الإخوان من جديد!؟بالتأكيد لا، وإلا لما كان للانقلاب معنى، وإذن: لماذا المغامرة بهذا الانقلاب وتحمل تباعاته لولا أن الهدف هو إسقاط مرسي والإخوان أولا، ثم الالتفاف على الديمقراطية والانتخابات حتى لا يسمح لهم بالفوز مجددا!؟ وطالما أنهم سيلتفون على الديمقراطية للحيلولة دون صعود الإخوان مجددا, فمن المؤكد أن هذا الإجراء سينسحب على جميع الأطراف، لأن الصندوق واحد والنظام الانتخابي واحد، وبالتالي: لن يكون هناك مجال لفوز أي طرف من الأطراف المنادية بالدولة المدنية الحديثة، إسلاميين أو علمانيين، فالجميع في هذا سواء باستثناء الطرف الوحيد المستفيد من الانقلاب..
والله الموفق
محمد سيف عبدالله
عن انقلاب العسكر في مصر 1419