عند اندلاع ثورات الربيع العربي ورحيل الحكام الدكتاتوريين في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن انتجوا بيئة تغييرية ناضجة وأصبح الكل يهتف بالثورة والتغيير وبالعملية الدمقراطية ليس فقط بالدول المندلعة للتغيير بل في الوسط الخليجي أيضاً, لكنهم لا يجدون طريقة توصلهم للتنديد والتظاهر بالتغيير وذلك لقوهم بأن الحكم في دول الخليج ملكي ولا يوجد استيلاء ونهب وفساد وبطالة وما إلى ذلك وعلى العكس يوجد كل تلك الصفات لكن يتم تغطيتها وإقفال بنودها بعميلة الدفع بالملايين لإجهاض ذلك وهذا بحد ذاته فساد.. ولقد شاهدنا ذلك عندما صورت دول الخليج نفسها تماماً وأثبتت ضهورها علننا دون غموض أو إخفاء في تدخلها السافر ودعمها المتعسف لإجهاض ثورات الربيع العربي وايضا في الأحداث الأخيرة الذي عصفت وحلقت في سماء مصر وأثبتت للعالم اجمع مدى استراتيجيتها وما الخطر الذي تسعى إليها والتسابق بها..
لكن السؤال هنا لماذا لا تتم ثورة وعملية تتغير وتحول دمقراطي في دول الخليج؟ ليس بخروج مظاهرات شعبية والذي أتى الوقت لذلك وانما بتحول سريع من قبل الحكام الخليجيين في كل من السعودية والإمارات والكويت على وجه الخصوص بنقل السلطة كما فعلت ذلك دولة قطر والذي قامت بتغيير ضلوعها وان كان قد تولى زمام السلطة من العائلة الحاكمة فهذا يترتب على وجود تغيير سياسي واستراتيجي شامل والذي قد يعطي وقتاً للشعب القطري بعدم الخروج للمظاهرات دام هناك تغيير حرص عليه الشيخ حمد بن خليفة آل الثاني وانقذ دولة قطر من نهوض الشعب للشارع وجنبها المخاطر والصراعات..
وللعلم فإن ما قامت به دولة قطر درس وتذكير لبقية دول الخليج لكنها أبت وأصرت على عدم التغيير ولا أرى بان ستضل وتصبر شعوب الخليج اكثر مما مضى فهناك مناورات وترتيبات وخطط تُدرس وتُحلل منذُ فترة وحتى الآن لتكرير سيناريو الثورة ولتكميل ملف الربيع العربي للخروج إلى الشارع وبتجمعات شعبية وان كانت صغيرة لكنها مع الوقت سوف تزداد وباستمرار متواصل.
إن هناك جماعات وقوى في إنحاء دول الخليج تستعد مرحلة بعد أخرى للقيام بالتظاهرات بمطالب وحقوق مشروعة لكن سرعان ما تعلم السلطة الحاكمة تقوم بإفساد ذلك وتقدم الملايين لقطع ذلك الصوت ولقد شاهدنا ذلك في مدن سعودية حينما خرجت بعض من الجهات في مناطق شرقية وتم إجهاضها.
فالربيع العربي قادم في دول الخليج لا محال له، وان كان هناك بعض من التراجع والتردد من قبل شعوب دول الخليج بسبب ما سوف يحدث لهم لكن هذا لا يمنع من وجود ثورة وقد ربما تدخل فيها جماعات وفئات على عراك وعداوة مع السلطة الحاكمة وتكون هي البادئ لهذه الثورة.
فمهما دارت الأيام وتوالت الأحكام وتزايدت السلبيات الفاضحة علنناً أو سراً وتراكمت التدخلات الفتاكة الغير قانونية سواء داخل الدولة أو خارجها فلابد من الوقوع في قبضة الشعب الذي لا صوت يعلوا فوق صوت الشعب ولا إرادة تتصدر فوق إرادة الشعب الذي لا يعلم من أين أتيت وكيف حكمت وما الذي حكمته وإلى أين وصلت هذه البلاد وكيف جعلتها مستقبلاً هل في خطر أو الستر والتغطية عن ذلك الخطر وما الفائدة الحسنة والعبارة الجميلة والكلمة الطيبة الذي أصدرتها وأظهرتها للآخرين باسم هذه البلاد أيها الحاكم المستبد في دول الخليج هل ما قمت به من بيع للثروات والاستيلاء على حقوق الأخرين وبيعها لمن يقف خلفك من دول عظمى غربية ويهودية تريد تفتيت الإسلام والأمة الإسلامية عن طريق خطكم المفتوح؟؟ أم دول الربيع العربي الذي أشعلت فيها النيران وذوقتها الويلات وحرمتها من تذوق حلاوة التغيير وجعلتها تدخل في تشاحن وتصارع بين بعضها البعض وأدخلتها في نفق مظلم ومستنقع كارثي وأنتجت منها ثمرة الظلم على الأخرين وزرعت فيها فتنة التآمر والفوضى.
أخيراً: لا بد لشمس الأمل بان تشرق من جديد ولا بد للظلم بان ينكسر في دول الخليج.. ولا بد من شعوب الخليج الاستيقاظ من نومها ومعرفة ما يدور من حولها فهناك حكام يدخلون بلدكم في مستنقع الاضطرابات بسبب التدخلات البائسة وأيضا هناك ثروات عديدة تستخرج سراً وتنهب وتباع للخارج وتذهب الأموال إلى خزينة الأسرة الحاكمة والقيام بها بأعمال شخصية ودعم ينتج عنه الصراعات وتدق فيها وتيرة العنف وتُزرع بها الفتنة بين كل الفئات والشعب الخليجي هو الخسران لأنه الباقي في وطنه والثروات الذي تُنهب والأموال الذي تذهب هي مال الشعوب وليس ورثة الحكام الخليجيين.
يا شعوب الخليج لا بد من ثورة غاضبة وتظاهرات شعبية تصغ إليها الأذان وتضرب بها الأمثال ولا أرى بان الأمر سوف يطول كثيراً فقد دقت ساعة الاستيقاظ وصفارة الإنذار والشعب في أتم الاستعداد للخروج إلى الساحات والمطالبة بالتغيير الشامل وهذا ما يريده الأغلبية من شعوب دول الخليج ولسوف يحدث ذلك الحلم وشرارة التغيير وفضَّ الاعتصام في ميادين وساحات الخليج عاجلاً أم أجلاً.؟!
راكان عبدالباسط الجبيحي
ثورة قادمة في دول الخليج!! 1496