إن انقلاب عسكر مصر وثورة أنصار مرسي لم تعد قضية محصورة بعودة مرسي للحكم أم عدم عودته, أو انتصار الإخوان أم هزيمتهم, وإنما القضية باتت اليوم وأصبحت من يرفض الظلم ومن يناصره, ومن يقف مع الحقوق والحريات ومن يرفضها ويتآمر عليها, وإدانة القتل ومقاضاة القتلة ورفض الديكتاتوريات الناشئة والاغتيالات القائمة, بل أكثر من ذلك من يقف مع قاتل ومن يتصدى لهُ.
إن المرحلة تفرض علينا أن لا نكتفي فقط بإدانة الجريمة والقتل, بل أن نكون أكثر دقة ووضوحاً في إدانة القاتل, كما لا منطق في تبرير القتل ولا حكمة في إباحة سفك الدماء ولامعنى لتبرير الظلم لخدمة المصالح الحزبية وأهوائنا, ويجب على كل الأحرار والشرفاء أن لا ينسوا أن مرسي رئيس منتخب وشرعي جاء للحكم من خلال انتخابات ديمقراطية, ونزيهة لا تشوبها شائبة بدليل أن العالم شهد لها أجمع, ومن يرفض نتائج صناديق الاقتراع لمجرد أنها جاءت في غير صالحه, أو أنها ليست على هواه, وأفرزت فوز خصمه ليصل لكرسي الحكم, فينقلب عليها من خلال عقد التحالفات المشبوهة ورفع الشعارات الغوغائية والمطالب الفئوية والحزبية, ثم يبث الأحقاد والكراهية لتحقيق أهدافه الأنانية الانقلابية, فتكون المحصلة النهائية تحريض الشارع على الصدام والتناحر والدمار, بل والتأسيس لسابقة غير حميدة في رفض نتائج صناديق الاقتراع والانقلاب عليها عبر اللجوء للشارع في نهج تآمري فوضوي وسلوك انتهازي مغامر سوف يتم القياس عليه والعمل بموجبه مستقبلاً ومن حق أي طرف سياسي لا تعجبه أو ترضيه نتائج أي انتخابات قادمة لينقلب السحر على الساحر.
الخطير في الأمر أيضاً أنه بإشاعة هذا الأسلوب الانقلابي المغامر وتثبيته كمنحى سيء ممكن وفاعل يتم فيه وأد الديمقراطية في مهدها في أبشع صورة عرفتها الحضارة البشرية, هو نهج سلبي سوف يترسخ بعمق كمفاهيم خاطئة ويتحول إلى ظاهرة تروج لنزعات العنف المعقدة والتراكمات النفسية الحادة التي تقود إلى سلوك جمعي مدمر للمجتمع, من خلال التأثير السلبي في الوعي الجمعي والتجربة المجتمعية المصرية بحيث من الممكن أن يبنى عليها لاحقاً.
محمد سيف عبدالله
أضواء على انقلاب عسكر مصر (2 2) 1333