مازالت الساعة ستين دقيقة , ومازالت الدقيقة ستين ثانية , ومازال اليوم أربع وعشرين ساعة.. فلمَ يا ترى نشعر جميعنا بأن الزمن يتقارب والأيام تمضي سريعا؟!
أضحت حياتنا كأنها سباق مع الزمن لا ينتهي!!
ها هو ذا رمضان يودعنا وينزف أخر أيامه متألما!
أمضينا جل أوقاته في قلق وترقب خشية تفجر الموقف في الحبيبة مصر..
رمضان مر سريعاً, ولم نستفرغ الوسع لاستغلال ساعاته في الطاعات!
كنا نرجو إهتباله واحة هدوء وروحانية وسكينة, أردناه بحيرة عذبة ننهل منها حلو الأمان بوصل الملك المنان , أردنا غسل أنفسنا من وعثاء عام أثقل وجداننا بوحل كدر العيش, وتردي أحوال الأمة !
ها هو رمضان راحل , ونحن بين مقل ومستكثر من فيض بركاته ,غير أن ما لا يختلف فيه اثنان أن رمضان رغم كلما حدث فيه هذا العام من مآس موجعة للأمة يبقى كما هو رحمة الله المهداة لنا ,نكسر به جمود قلوبنا ونتخلص من روتين الحياة الممل طوال العام ..
نحيا طقوسا جميلة تحررنا من أدران النفس , ومكبوتاتها المؤرقة للقلب..
من لطف الله بنا أن جعل لرمضان طاقة فوق العادة ,تكتسح الجميع فتحدث تغييرا في الشعور والتفكير والسلوك !!
لا يعربد في رمضان سوى من يئس من رحمة ربه , من كره نفسه حتى هوى بها في مهالك الردى فتركه الله لها تذهب به كل مذهب والعياذ بالله !
المحروم هو من حرم فضل وبركة هذا الشهر الجليل ..من دخل عليه رمضان وخرج دون أن يترك أثرا إيجابيا في تفكيره وإراداته وسلوكه!
الآن وقبل انصراف رمضان يمكنا جميعا _ وحتى هذا البائس الظالم لنفسه التوقف لاغتراف الخير في شهر الخير "فإنما الأعمال بخواتيمها ".
وكل واحد يريد التزود والمزيد من الترقي وإصلاح علاقته بربه جل وعلا عليه الوقوف لبرهة للغوص في أعماقه ليرى بعين ناقدة متجردة ماذا أحدث فيه رمضان؟
ماذا غير فيه رمضان ؟
إن أقوى علامة على صدق تأثير رمضان فينا هو تدق خيرنا على غيرنا , تسامح , وكرم يفيض على الأهل والأرحام والجيران وفقراء الحي والمدينة وكل إنسان" وأعظم الأعمال أجورا سرورا تدخله على قلب مسلم "
والعلامة الأخرى الاجتهاد على زيادة عمل الخير والطاعات, والثبات على مسلك الترقي والتقرب من الله جل وعلا, وطلب مرضاته , ومراقبته في إقدامنا وإحجامنا وتفريغ الطاقة في تمحيص العمل وإخلاص النية لله جل جلاله بعد انصرام شهر رمضان .
رمضان هذا ذاهب لا محالة.. قد يعود ويتكرر في حياتك وقد لا يعود..
شيء من الثبات بآخره يجبر تقصيرا في أوله.. مضمار سباق الخير مازال قائماً وفي ذلك فليتنافس المتنافسون..
وكل عام والأمة بخير, وعيدكم عيد لحمة وإخاء, عيد وفاء لقيم الخير والفضيلة والإنسانية يا أمة خير الإنسانية!
نبيلة الوليدي
آخر ساعات السباق! 1466