اعتبرت جلسات القات وسيلة وحيدة للاجتماع والتعارف ولتوثيق روابط الصلة بين متعاطيه، ومن جانب آخر فإن هذه الجلسات تشجع على التنافس في شراء الأجود والأعلى سعراً من القات وهذا يؤدي بالأشخاص إلى شراء الأنواع الجيدة والغالية الثمن من القات إذا كان ميسور الحال أو يقوم البعض باستقطاع جزءاً من المبالغ المخصصة للإنفاق والاستهلاك والمصروف الشخصي أو بمحاولة الحصول على المال بطرق غير مشروعة كالرشوة والابتزاز أو السرقة.
إن تأثير القات لا ينحصر بين مدمنيه فقط بل ينعكس على الحياه العائلية وعلى المجتمع بأسره ويهدد تنشئة الأبناء والشباب الذي تعتمد عليهم البلاد لعمليات البناء والتطوير والتنمية. لذلك يمكننا تلخيص بعض الأثار الاجتماعية للقات وبإيجاز وهي:
1-يتم استقطاع مبلغاً كبيراً من ميزانية الأسرة من أجل القات ولوازمه وتقليص الجزء المخصص من الدخل لتربية الأولاد ولتوفير المستلزمات الضرورية والحياتية للأسرة.
2-تعرض الأولاد لأزمة دائمة بسبب انخفاض الدخل وعجز كثير من الأسر عن توفير حاجات الأولاد من الغذاء والملبس المناسب ومستلزمات التعليم وتخصيص الجزء الأكبر من الدخل في شراء القات مما يؤدي ذلك إلى تفكك الحياة الاجتماعية للأسرة.
3- تعرض الأولاد وخاصة الأطفال لدى كل أسرة للضياع والإهمال وحدوث مشاكل بين الرجل والمرأة بسبب انشغال الجانبين في جلسات تعاطي القات.
فالرجل يقضي فترة ما بعد العصر في جلسات مضغ القات قد تستمر لأكثر من خمس أو ست ساعات والنساء أيضاً يتعاطين القات في جلسات خاصة تسمى "التفرطة" أو في حفلات الأعراس والمناسبات العامة وتستمر حوالي أربع أو خمس ساعات.
4-غلاء المهور والذي ينحصر بشكل خاص في المناطق التي تزرع فيها أشجار القات وذلك بسبب ارتفاع دخل مزارعي القات. وتلك الظاهرة تسببت في هجرة الأيدي العاملة وخاصة الشباب إلى البلدان المجاورة.
5-إزدياد ظاهرة تعاطي القات بين صفوف الشباب خاصة تلاميذ المدارس أو طلاب الجامعات والمعاهد وزيادة ظاهرة التدخين لدى هذه الفئة نظراً لترابط الوثيق بين ظاهرة مضغ القات والتدخين خاصة في فترة الامتحانات ما يؤدي إلى الإدمان على تعاطي القات والتدخين لدى الغالبية من هؤلاء الشباب.
ويعلل الكثير ممن يتعاطون القات الأسباب التي تدفعهم إلى تناول القات:
فالبعض يعلل بأن القات يمنحه القوه والنشاط والبعض الأخر يعلل بأن القات يساعده على تجنب النوم بعد الظهر والبعض يدافع عن تلك الظاهرة بشراسة معللا أسباباً عدة أهمها قضاء الوقت والهروب من الملل أو الالتقاء بالأصدقاء والإحساس بالراحة والسعادة بعد استعراض الأثار الاجتماعية للقات في المجتمع اليمني لابد من الإشارة والإشادة باليمن واليمنيين أناس بسطاء يمتلكون الشهامة والكرامة والكرم... مثل كل العرب.
لكنهم فقراء . فقراء. فقراء.. في حاجة إلى كل يد صادقة مخلصة تساعدهم على هجر القات وأوراقه السامة.
فهل باستطاعة أهل اليمن أن يطلقوا القات بالثلاث. وهم يعلمون أنه من أهم أسباب تخلفهم وأن أي خطة تنموية في أي مجال صحي أو اجتماعي أو اقتصادي وأي نجاح لبلادهم لن يتم مالم تجتث شجرة القات ويحرم زراعتها تماماً.
هل يمتلك اليمن قوة الإرادة بالتخلص من القات كما تخلص الصينيون من التنين الأزرق السام (الأفيون).
أعتقد أن ذلك ممكن جداً جداً جداً. إن حرب القات أسهل بكثير من حرب الافيون. حرب القات تعلن ضد قوى خارجة من القات.
أما الأفيون فكانت هناك قوى كثيره.
وأن شعب اليمن له ماض عريق... ومن الممكن أن يصنع مستقبلاً مشرقاً بإذن الله ويبني يمناً بدون قات... ولكن هذه المهمة تحتاج أيضاً إلى جهود ودعم عربي أولاً ثم دولي ثانياً. التي تدعم وتساعد الجهود التي تبذلها الحكومة اليمنية اقتصادياً واجتماعياً وصحياً.. والتي تدرس أيضاً حلولاً بدائل للقات.. أهمها إقامة مشاريع زراعية ضخمة واستصلاح الأراضي الفاعلة واستغلال تلك الأراضي بزراعة المحاصيل الزراعية كالبن والقمح والفواكه التي تعود الفائدة على المواطنين واقتصاد البلد، بالإضافة إلى إنشاء وتجهيز الكثير من الحدائق العامة المتنزهات والمسابح العامة والمسارح وإنشاء نوادي اجتماعية ورياضية مزودة بالملاعب ومجهزة بكل وسائل التسلية ومزاولة الألعاب الرياضية من أجل شغل الفراغ لدى الغالبية العظمى من المواطنين وخاصة الشباب.
إن حرب القات حتى تنجح لابد أن تكون وفق خطط وبرامج تشارك فيها العقول العربية. والكفاءات العربية ويدعمها الاقتصاد العربي.
د.عبدالسلام الصلوي
القات... وآثاره الاجتماعية 2-3 2026