الإعلام عالم قائم بذاته, قد يكون غامضاً بكل ما فيه من اتجاهات وميول إنما الشيء الذي لا شك فيه, والذي كنا نعرفه ولا يختلف عليه أحد, أنه مرآة للشعوب, فإن أردنا أن نعرف عن شعب وعن أمم خلت أو مازالت قائمة, فإننا نعرفه من إعلامها.. ولكن في ظل الأوضاع الراهنة والواقع الضحل الذي نعيشه, هل ما زال الإعلام مرآة للشعوب؟ وهل مازالت هذه المرآة نقية أم أنها تفتت و صارت مشوهة وملطخة بنتن السياسات التي شوهت كل النفوس وكسرت أواصرها وحطمت فيها خيرها ونثرت فيها كل سبل الالتقاء وباعدت بينها كبعد المشارق والمغارب؟؟ تصيبنا الحسرة والألم..
ونحن كشعب بسيط يرتجي السلام, حين نرى أن الإعلام قد تحول إلى حلبة صراع جميعنا فيه صرعى والوطن فيه ذبيح من الوريد إلى الوريد, تحّول الإعلام بشكل عكسي من الدور المنوط به في توحيد صف الشعب إلى محرض على الفرقة والشتات وكل فئة تسعى إلى ضرب فئة أخرى وخلط الحابل بالنابل واثبات الذات الأنانية على حساب وطن يحتضر, وتبدل من راعي حق إلى مروج للباطل, إلا من رحم ربي.. مهاترات, ملاسنات, عداء موجه للآخر, اتهامات, قذف, شتائم, صراعات دامية تقودها ألسنة الأقلام وشقشقات الكلمات وطقطقات الألسن, عداء, توتر, نفوس مشحونة بالغضب وكلام سارد في القبح والبشاعة وطرق متعددة وأساليب متنوعة والغرض واحد لا شريك له وهو الفرقة والشتات وإثبات مبدأ أنا ومن بعدي الطوفان..
هذا فقط ما أصبحنا نلمسه من مرآة الإعلام في واقعنا الراهن.. بالله عليكم كيف يسمح أرباب هذه الوسائل الإعلامية لضمائرهم أن ينشروا هذه الكمية من الصراع والتناحر بين أوساط شعب واحد لم ير في حياته يوما جميلا؟ كيف يرضى أي صحفي وصاحب كلمة لنفسه أن يكون داعيا للشر ومروجا للعداء ولقبح النفوس؟؟ كيف يهنأ حياته من يسعى لمصالحة ولمصلحه حزبه وهم يقودون شعب بأكمل للتهلكة وجعلهم يأكلون بعضهم بعضا بسبب دعاوى الصراع والفتك بالآخر؟؟ وهل مكتوب علينا أن نظل نعيش في الصرعات والعداء والخوف والموت طيلة أعمارنا؟؟
لم نعد نرى من مرآة الإعلام إلا الآلام ووجوه مرعبة يرتد إلينا وجعها ورعبها تكسرات وبذاءات تدمي ما تبقى فينا من حياة.
فكفوا أذاكم وسخطكم عن هذا الشعب المسكين بحق هذا الشهر الكريم, شهر الرحمة والخير والسلام.. يرحمنا ويرحمكم الله..
سمية الفقيه
إعلام الصراعات كفوا سخطكم عنا 1360