مثلت ثورات الربيع العربي وإسقاط الأنظمة الديكتاتورية المستبدة نقطة تحول في تاريخ الإخوان المسلمين، و بداية الانطلاق نحو المنافسة و إثبات الوجود الذي تحقق لهم ذلك مع اقرب فرصة خاضوا تنافسها مع الأحزاب السياسية الأخرى في مصر، و لان إثبات الوجود يتطلب رؤية شاملة لم يستطع مرسي خلال عام تلبية المطالب الاقتصادية للشعب و هو ما دفع بالكثير للاحتجاج و تشكيل حركة تمرد و التنسيق ليوم 30 يونيو لإسقاط الرئيس المعزول محمد مرسي رئيس حزب الحرية و العدالة المنبثق من جماعة الإخوان المسلمين.
وقد أفرزت هذه التظاهرات تدخل وزير الدفاع المصري وعزل الرئيس المنتخب مرسي من منصبه و تنصيب رئيس جديد لمصر، وقد حسب هذا التدخل انقلاباً عسكرياً على الشرعية والديمقراطية و محاولة لاستعادة حكم العسكر و عودة النظام السابق لمبارك الذي سقط بثورة 25 يناير و انتكاسة و هزيمة للإخوان المسلمين.
ولكن من منظوري لن أبالغ اذا قلت إن انقلاب - السيسي - قدم خدمات جليلة لجماعة الإخوان المسلمين كان يتطلب لتحقيقها و إنجازها عشرات السنين في المستقبل .
(1)
عكس للعالم بأكمله حقيقة و طبيعة جماعة الإخوان المسلمين و عرف برؤيتهم و نهجهم السياسي الذي جهله ذلك العالم طيلة 84 عام و أسقطت كل النظرات السلبية التي كلفت الأنظمة الغربية و المعادية للإخوان المسلمين فترة زمنية طويلة و مبالغ مالية خيالية و العديد من الوسائل الإعلامية لأجل زرع وغرس تلك النظرات السلبية و المغلوطة في نفوس الشعوب الغربية ، و تشويه سمعة جماعة الإخوان المسلمين الذين تحولوا بفعل قرار السيسي من متطرفين، إرهابيين، إقصائيين، عنصريين في نظر تلك الشعوب إلى معتدلين، سلميين، ديمقراطيين، متقبلين للآخر.
(2)
المؤامرات و الخطط الخبيثة التي أجادت أجندة أجنبية و خليجية بالتعاون مع أجهزة استخبارات إقليمية و العسكر من اجل إسقاط مرسي من الحكم و حل الجماعة و اقتلاع جذورها من الساحات العربية ، بداية بمصر التي كانوا يعتقدون أنها البؤرة و المنبع الحقيقي للإخوان ثم مروراً بدول ثورات الربيع العربي ذهبت أدراج الرياح في لمح البصر بعد إعلان عزل مرسي وبالتالي فشلت كل تلك المؤامرات.
(3)
السقوط المخزي والفاضح للقوى السياسية ( العلمانية و اليسارية واللبرالية ) المنافسة للإخوان المسلمين و التي نظرت إلى الانقلاب العسكري الطريق الوحيد للخلاص و القضاء على الإخوان وعودتهم إلى كرسي السلطة ، و تجاهلت الطرق الديمقراطية التي استمرت تلك القوى تشدق باسم الديمقراطية فترة حكم ما قبل ثورات الربيع العربي ، و تناست الديمقراطية التي أصبحت أولوية وذات أهمية في العصر الراهن اكثر من لقمة العيش و تعتبر الكفة التي ترجح ميزان القوى.
(4)
الخمول و السبات الذي دخلت فيها جماعة الإخوان المسلمين في العام الذي وصلت فيه للسلطة والذي كان أولى خطوات الانهيار وتفكك الجماعة بعد أن ركزت كل قواها نحو السياسة و الاستمرارية في الحكم و أهملت الجانب الدعوي و التنظيمي والذي يمثل الركيزة الأساسية لجماعة الإخوان المسلمين في الانتشار والتوسع قوبل بعودة إخوانية قوية للميدان و تنظيم للصف بعد إعلان السيسي عزل مرسي و هيجان شعبي لم يشهد له التاريخ مثيل .
لذلك حق على الإخوان تقديم الشكر للغباء الذي اقترفه السيسي حينما أراد القضاء عليهم فزاد من قوتهم إضعاف مضاعفة، و فرض على العالم الوقوف إلى جوارهم و يؤيدهم دونما أي جهد تنظيمي أو خطة كسب أو خسارة، و أصبحوا الآن الإخوان المسلمين نموذج راقي في النضال السلمي و الثوري و نموذج ارقى في الحكم السياسي جعل من شعوب العالم تمني النفس للحصول على تجربة مماثلة لحكمهم الديمقراطي.
هيثم الجرادي
شكرا ياسيسي 1273