في الديكتاتوريات الملكية على ضفاف الخليج العربي تعيش الشعوب الرفاهية مقابل الحرية وتُسيَّر الفتوى الدينية بقرار سياسي، ومع وجود عدد هائل من العلماء والفقهاء التراثيين الذين ما زلوا يدورون في فلك وهابي سلفي ضيق لا يتعدى محاربة البدع وزيارة قبور الأولياء وتحريم التصوير والحزبية، ثمة علماء حقوقيون لا يخافون في الله لومة لائم، ولا يسبحون بحمد السلطان.
الشيخان الجليلان والناشطان الحقوقيان والسياسيان والدكتوران القديران محسن العواجي ومحمد العريفي يتعرضان اليوم لحملة تشويه واعتقال ومنع من السفر وتجسس على حركاتهما وتهديد بسحب الجنسية منهما من قبل السلطات السعودية والعائلة الحاكمة المصابة برهاب الربيع العربي.
والموقف الجريء الذي تبناه الشيخان في رفضهما الصريح لدعم المملكة السعودية للانقلاب العسكري في مصر ومحاربة مشروع الإسلام السياسي في المنطقة العربية ،سيسجله التاريخ بأحرف من ذهب في وقت يكتفي فيه بقية العلماء المدجنين بالبكاء في الحرم ومباركة أخطاء وجرائم أبناء وأحفاد آل سعود بالكلمة أو الصمت والأسوأ من ذلك بالفتاوى الضالة المضلة والعياذ بالله .
ولست متأكدا من الهوية السياسية للشيخين العواجي والعريفي لكنني على اعتقاد في أنهما من دعاة الإصلاح السياسي في المملكة والخليج وممن رفضوا الاستقواء بالقوات الأمريكية والدولية لغزو العراق العام 2003.
غير أن العداء الرسمي والملكي لسمو الشيخين يكشف زاوية أخرى من المشهد وهي غباء السياسة الداخلية لآل سعود إلى جانب بلادة السياسة الخارجية التي ترى أن المال وحده سيد الموقف ومحرك دينامو التأثير الخارجي لدولة لا تجيد سوى إجراء عمليات توسعة للحرم المكي وتمن على الأمة العربية والإسلامية بكسوتها السنوية للكعبة وكأنها بذلك تخدم المشروع الإسلامي في المنطقة وكفى .
وتتغافل الأسرة المالكة للسعودية إنها بمنع الشيخين عن السفر أو باعتقالهما إنما تعمل على تنامي الحراك الشعبي الغاضب في عموم المملكة فالشعب السعودي يريد أن يتنفس ويصرخ بحرية حتى وإن كلفه ذلك سقوط الملعقة الذهبية التي ولدت في فمه ،كما أن للشيخين العواجي والعريفي شعبية كبيرة واحترام متفاقم في بيئة مازال فيها ألف شيطان أخرس.
بدورنا ودور كل مثقف حر ومسلم شريف التضامن مع الشيخين العواجي والعريفي حتى تنال شعوب الدول الخليجية الست كامل استقلالها الكريم ويأتي الربيع على الخليج من حيث لا يحتسب ملك أو أمير أو سلطان والله المستعان.
عبدالرزاق الحطامي
الشيخان..!! 1391