قديماً كنت أندهش بالبكاء حينما كان أبي المرحوم يغادر المنزل متوجهاً إلى سوق هجده الشعبي حينها أقترِب إليه كثيراً علّه أن يشفق بحالتي يوماً ويمسك بيدي ليحملني إلى هذا السوق الذي ملأ القلب شجونا واشتياقا وهكذا هي حالة الطفولة مع الآباء في هذه الحياه .
وعندما أصدر قراره يوماً أن يضم رحلتي معه كنت لا أتـلمس في هذا المكان غير حركة الناس وضجيج المركبات وصوت الباعة المتجولين في هذا الشارع الذي حصد في الذاكرة ألف حكاية منذ الزمن البعيد .
طُوِيت السنين كما يُطوَى السجلُّ في الكتب وذهبَت الأيام تجري في أدراج الرياح وهجده لم تتغير سوى بالدراجات النارية وبعض بائعي المواشي وسائقي العربات !!
نسمع دفوف الأعراس بمكبرات الصوت من كل جانب حينها تشتعل القلوب بالابتهاج وهجده الأسيرة بالظلم والظلام تنتظر الخطوبة وقرب الزفاف علّها يوماً أن تقضي على حياة العزوبية وتدخل القفص الذهبي لتنجو من قفص الاتهام كي تغرد في سماء البهجة والحرية .
لم أستشعر يوماً أن في مديرية مقبنه عشّاق للمسؤولية إلا القليل مثلما أستشعر أننا نعشق الحزبية التي كشّرت تجاهنا بمخالبها وأفرزت السُّم في أحشائنا فمات من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من مشاعر الإحساس ليعتق به مديرية كبيرة تجرُّ أذيال الخيبة إلى الوراء نحو مستنقع مليء بالوحَل .
كم هي التصريحات المتلاشية عن هجده التي تبعد عن محافظة تعزبــ 18كيلو متراً حينها تصبح عديمة المفعول وعديمة القيمة فالفساد يتقدم تقدماً هائلاً فطال حياة الناس يحتمي وراء عباقرة التزييف وقلب الحقائق وضد الأماني والأحلام الكامنة في الصدور .
رفقاً أيها الكرام بمديرية مقبنه فزعفران البطالة يلوح في سماء هجده والأيام حُبلى بالأحداث ونحن صامدون ننتظر قرار الديوان المعمور بالياجور ليفصح لنا بالحقيقة؛ فالراحمون يرحمهم الرحمن أثابكم الله.
خليف بجاش الخليدي
هجده وزعفران البطالة 1783