النفس البشرية آية الله العظمى, ومحنة الإنسان الكبرى, ومحك الاختبار, ومرتكز الترقي..
قال سبحانه: ونفس وما سواها, فألهمها فجورها وتقواها.. أقسم جل وعلا بالنفس لعظم شأنها !
هذه اللطيفة الربانية, المعلومة المجهولة ,البينة الخفية, اللينة العصية, الفاجرة التقية, السهلة الممتنعة..!! لها شأن آخر مع موسم الصيام العظيم, مع شهر رمضان! بوسع كل واحد منا إدراك ومعاينة ولمس أثر الصوم على نفسه! تصوم الأعضاء عن المباح للتفرغ الروح للترقي! وبعيدا عن الجدلية الأزلية: "هل الروح هي النفس أم هما مفترقتان.. مختلفتان.. متباينتان؟؟ " الكل يسمع حواراً داخلياً بين طاقتين مختلفتين, طاقة علوية, مترقية, متسامية, متجافية عن الرذائل, مترفعة عن الصغائر.. وأخرى بمقابلها تتوق لكل لذة حسية ولهو, ولعب.. ولا تشبع من ذلك!! ورمضان واحة هدوء, تسكن فيها النفس المتطلبة حينما ينقطع حظها من المتع الحسية لأكثر من نصف اليوم, فتصغي طوعا لداعي الله في قلب الإنسان, تلتفت للجانب المشرق فيها.. تستشعر جمال وروعة المتع المعنوية من حب الله, ولذة مناجاته, وعذوبة كلماته.. وتستلذ بطوفان من الرحمة يملؤها, فتفيض حناناً على الأهل والإنسان والكون بأسره!
في رمضان يلف السكون المكان والزمان والوجدان.. نظرة واحدة للأفق الممتد في نهار رمضان تغرقك في بحر من المهابة !! إنه شهر يقترب فيه أهل السماء من أهل الأرض! تصفّد فيه مردة الجن.. موسم يخرق الله فيه عادات الكون!! ينادينا داعي الله لنغترف فيه معان ربانية وأنوار سماوية تحلق بها ذواتنا في ملكوت الولاية والقرب من الله جل في علاه, نتزلف.. نتطهر.. نتزود.. نقترب.. ونغالب هوى النفس في صراع ممتع, وحادينا قوله تعالى : كلا لا تطعه واسجد واقترب..
نبيلة الوليدي
دعوة للاقتراب.. ! 1417