رمضان شهر ندي يطل علينا كريماً مباركاً في العام كزائر خير وعطاء يفيض علينا جودا وكرما ومغانم كثيرة, لا نفرق بين أحدها, فهي في الأهمية سواء ونسابق بها إلى خيرات عرضها السموات والأرض..
هو بشرى لنا من إله الكون وحين تُغلق به أبواب السعير ولا تحفنا فيه إلا رياح الجنان التي تفتح لنا أبوابها ببركاته.. بشذراته الروحانية يؤمنا, وبنفحاته الزكية يوحد شتاتنا, وبلكنة الخير والجود والكرم يحاكينا, فينفذ إلى أقاصينا دونما حواجز, يغسلنا بالماء والثلج والبرد وينثر على النفوس فيضا من عطره وعبقه.. فيه لا تُرد دعوة ولا يُغلق باب رجاء في وجه عباد الرحمن.. هو رحمة ومغفرة وعتق من النيران,, هو فرصة لا تُضاهى لجعل النفوس تغسل أدرانها بروح وريحان طهره وعظيم نقائه وصفائه..
لنستغل فرصة وجوده كي نتحلل من شعث ألهم وغبار البغض وشحناء الحياة المتراكم على نفوسنا, لنتحلل من ركامات الحسد والحقد والرياء وعدم التسامح الذي صار جزءاً من حياتنا المضنية وجزءاً من تركيبتنا في التعاطي مع مجريات الأمور والمواقف التي تضعنا فيها الحياة والناس حولنا.
لنتخلص من فائض المرارة في القلوب المشحونة بالعداء والتحريض وكراهية الآخر .. لننتصر للطهر والنفوس المتسامحة ولنقاء السريرة ونكفر بتراكم الغضب والتعصب والكراهية, لنكن أكثر ألفة وأصحاب لين وأرق أفئدة كما وصفنا في كتابه العلي القدير, لنجعله شهر سلام يعمنا ويعم أرضنا الطيبة ولا ينتهي تأثيره بمجرد انقضائه عنا بل سيصبح فاتحة سلام تعمنا حتى آخر الزمان..
هو فرصة جليلة وعطية عظيمة من الله كي نصبح أكثر إنسانية وأكثر آدمية مع أنفسنا ومع غيرنا
وأكثر تصالحا مع ذواتنا ومع الآخرين.. لا نريد أن نحاصر ونحصُر رمضان بمجموعة كلمات وشعارات خالية من أي مصداقية تذهب أدراج الرياح بمجرد أن تبتل العروق وتعود إلى الروح طاقتها وعنفوانها..
نريد أن نحّول أقوالنا لأفعال وأفعالنا لسلوكيات ترافقنا ليس فقط في رمضان إنما لكل زمان
ومكان,, نريد أن يرافقنا رمضان طيلة أعمارنا ليس بالمسمى فقط وإنما بصفاته النقية وأفعاله الكريمة التي يجب أن تُقترن بشخصياتنا وتعاملنا مع الآخرين.. فرمضان فرصة خير وعطاء وتسامح وتصالح ونقاء وطهر,, لنغتنمها حتى نكون أكثر إنسانية وآدمية..
سمية الفقيه
رمضان.. فرصة لنغتنمها 1256