يرغب القرآن بالنوم المبكر والاستيقاظ فجراً لما يجنيه الإنسان من فوائد صحية كثيرة، قال تعالى: "وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا" الإسراء.. وفي حديث للنبي (صلى الله عليه وسلم) حيث يقول: "بورك لأمتي في بكورها".
أما الفوائد الصحية التي يجنيها الإنسان في يقظة الفجر فهي كثيرة، منها:ـ
1ـ تكون نسبة غاز الأوزون (30) أعلى في الجو في الفجر وثقل تدريجياً حتى تضمحل أو تتلاشى عند طلوع الشمس، ولهذا الغاز تأثير فصير للجهاز العصبي ومنشط للعمل الفكري والعضلي. ويشعر الإنسان عندما يستنشف نسيم الفجر المسمى بريح الصبا لذة ونشوة عارمة لا شبيه لها في أي ساعة من ساعات النهار أو الليل.
2ـ إن أشعة الشمس عند شروقها قريبة إلى اللون الأحمر وهو اللون المثير لأعصاب والباعث على اليقظة والحركة، كما أن شبة الأشعة فوق البنفسجية تكون أكبر ما يمكن عند الشروق وهي الأشعة التي تحرض الجلد على صنع فيتامين د.
3ـ الاستيقاظ الباكر يقطع النوم الطويل، وقد تبين أن الإنسان الذي ينام ساعات طويلة وعلى وتيرة واحدة يتعرض للإصابة بأمراض القلب وخاصة مرض العصيدة الشريان الذي يؤدي إلى هجمات خناق الصدر، وذلك بسبب ترسب المواد الدهنية على جدران الأوعية الشريانية ومنها الشرايين الإكليلية القلبية.
وللوقاية من هذه الأمراض هو الاستيقاظ فجراً للتهجد وقراءة القرآن والصلاة والدعاء للخالق، قال تعالى: "والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً" الفرقان...
وقال تعالى: "إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا" المزمل.
4ـ من الثابت علمياً أن أعلى نسبة للكورتزون في الدم هي وقت الصباح، حيث تبلغ (7-22) مكرو غرام/100مل سيرم، وأخفض نسبة له تكون مساءً، حيث تصبح أقل من (7) مكرو غرام/100مل سيرم. والكورتزون هو المادة السحرير التي تزيد فعاليات الجسم وتنشط بشكل عام ويزيد نسبة السكر في الدم الذي يزود الجسم بالطاقة اللازمة له.
وإذا ما أضفنا هذه الفوائد إلى تلك التي بيناها عند الحديث عن الصلاة والوضوء والدعاء وقراءة القرآن نجد أن المسلم الملتزم بتعاليم القرآن هو إنسان فريد بالفعل، حيث يستيقظ باكراً ويستقبل اليوم الجديد بجد ونشاط ويباشر أعماله اليومية في الساعات الأولى من النهار، حيث تكون إمكاناته الذهنية والنفسية والعضلية على أعلى مستوى، مما يؤدي لمضاعفة الإنتاج.. أما من يعكسون الوضع فيقضون الليل كله في سهر صخب والغالبية تقظى الليل كله في مشاهدة البرامج والمسلسلات التلفزيونية، كما يحدث في رمضان، وتتحول ليالي رمضان إلى نهار ويستمر السهر حتى الفجر ثم يخلدون إلى النوم بعد الفجر ومع بداية يوم جديد، فالبعض ينام النهار بكامله ولا يقوم إلا قرب آذان المغرب والبعض ممن لديه وظيفة يفيق من نومه مع قرب الظهر بصعوبة بالغة متوتراً متعباً بسبب السهر، وهذا هو النمط المتبع في بلادنا وبعض البلدان العربية والإسلامية، فإذا كان هذا النمط أخذ طابعاً جماعياً فكيف نستطيع أن ننهض ببلدنا وننتج ونعمل بجد واجتهاد وذلك هو سر تخلفنا عن ركب الحضارة وكيف نستطيع اللحاق بالدول المتقدمة تنموياً ـ وصحياً واجتماعياً وثقافياً، فأهم ما يميز المجتمعات المتقدمة أنما تعيش وفق نظام حياتي ونهج متقدم وأن الحياة فيها تدب منذ ساعات الفجر الأولى.
د.عبدالسلام الصلوي
القرآن.. ويقظة الفجر مع ريح الصبا 1957