إن الذي يرجع ما حصل في مصر من انقلاب إلى الفشل فإنه بتصوري قد فشل في تحليله وقراءته لأنه يقرأ المؤامرة فشلاً ويلصقها بالإسلاميين وذلك تبريراً للانقلاب على الرئيس الشرعي المختطف المغيب من الانقلابين؛ وما تغييبه حتى الساعة إلا دليلا على نجاحه وفشل المغتصبين والخاطفين وارتباكهم، فهناك فرق كبير بين فاشل وبين من تم ويتم إفشاله؛ ولو كان الإسلاميون فاشلون كما يزعم البعض؛ لما نجحوا في ستة انتخابات متتالية؛ ولما كان بذل العالم المتآمر إقليميا وعالميا كل الغالي والنفيس لأجل إفشال الناجحين أمثال الرئيس مرسي، وكان ينبغي علينا أن نقرأ الأحداث في مصر –إبان الإعلان عن فوز مرسي -أنها إفشال الإسلاميين وليس فشلهم؛ حيث إن محاولة إفشاله إداريا أو سياسيا قد سبقتها محاولة إفشاله انتخابيا؛ ففي هذا
السياق قد بذل العالم المتآمر الكثير من جهوده وأمواله؛ حيث أنفق في محاولة إفشال مرسي مقابل إنجاح شفيق نفقة من لا يخشى الفقر؛ وعلى الرغم من كل محاولات الإفشال الانتخابي وكل تلك الجهود والطبخات النتنة والتمويل المالي المتعدد الجهات والعملات؛،فإن حزب الحرية والعدالة يفوز في ستة اقتراعات بعد ثورة ٢٥ يناير: وهي الاستفتاء على الإعلان الدستوري، الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، الجولة الثانية من الانتخابات نفسها، ثم انتخابات مجلس الشعب الدورة الأولى والثانية، والسادسة مرحلة الاستفتاء على الدستور التي زادت فيها شعبية مرسي، هذه أساليب الديمقراطية العادلة التي تعامل معها الإسلاميون؛ فلست أدري كيف هؤلاء بالفشل السياسي يوصمون، ولا يوصم بذلك الفشل اللبراليون؛ الذين انقلبوا على الديمقراطية الطاهرة ووسيلتها الصندوق؛ ليجعلوا ديمقراطيتهم في صورة العاهرة التي استبدلت الصندوق بالمتر والطائرة؛ لتجعل دول العالم المتحضر أمام ديمقراطيتها حائرة.. أنا لا أفهم في سياق مثل هذا شقاق كيف يخاف الناجحون اللبراليون من الفاشلين الإسلاميين والذين يمثلوا -حسب متحدثهم في الاتجاه المعاكس – ما نسبته /أقل من واحد في المائة/ وفي الوقت نفسه يتهم هذه الحركات بالعمالة لإسرائيل لينتهي هنا أن حركة حماس صناعة إسرائيلية، وهو يكذب هذا الكذب الفاحش الذي يرفضه مجنون يقول عن الإخوان المسلمون -اقتباسا: "إنهم يكذبون مثلما يتنفسون" ثم يقول أينما حل الإسلاميون حل الدمار والخراب والفشل. ثم ما يلبث يكذب حتى وقع في عبارة واحدة صدق فيها وهو كذوب في سائر الحلقة؛؛ وذلك عندما أرجع نجاح أردوغان -الذي استحيا ان يكذبه: إلى تخفيه تحت ثوب علماني وقد بدأت حقيقته الإجرامية الإسلامية تتكشف ثم يقول ولو
لم يختف أو يتوارى أردوغان خلف ثوب العلمانية لما نجح كل هذا النجاح؛؛ وهذا لعمري اعتراف الغبي بنجاح كل الإسلاميين؛؛ بيد أن الذين لم يكتب لهم التخفي مثل أردوغان حسب تصريح هذا الفهمان تم إفشالهم من قبل التآمر وقد بذل لأجل ذلك الوقت والجهد والمال .. وهذا اعتراف مفضوح فالذي غض الطرف عن محاولة إفشال أردوغان هو عدم اتضاح هويته بشكل قطعي فلم يضعوا أمامه العراقيل ولم يصموه بكل الأباطيل كما حدث لمرسي من أول وهلة أراد أن يفرض نفسه لكن عبر خيارات الديمقراطية. وبناء على ما سبق فإن الذي يتحد عن نجاح التوافق في اليمن بين الإسلاميين واللبراليين في مصر ثم يبني عليه نجاح الإسلاميين في اليمن مقابل فشل الإسلاميين في مصر فإنه يشارك -بحسن نية- اللبراليين المتآمرين بإلصاق الفشل السياسي في الإسلاميين؛ وليس تحالف داخلي وخارجي متآمر ضد نجاحهم؛؛ فمن ميث المنطق ؛؛ لو كان سبب التظاهر والخروج بالملايين لإسقاط مرسي هو فشله وليس إفشاله؛؛ لما كانوا دفعوا المليارات محاولين إفشاله مقابل إنجاح أحد مخلفات النظام شفيق؛؛ ولما كانوا اعلنوا ابتداء المحاربة التي سميت معارضة منذ مرور ثلاث ساعات من إعلان نتيجة فوزه، ولما لجأوا إلى
رفض أي حوار وتحت أي سقف؛ ولما كانوا لجأوا إلى إسقاط مجلس الشعب، ومن بعده كانوا يحضرون لإسقاط مجلس الشورى آخر مؤسسة شرعية للدولة وكذلك التحضير لإسقاط الجمعية التأسيسية المنتخبة توافقيا لصياغة الدستور؛ وكان كل الغرض من ذلك هو تعطيل الدولة من مؤسساته الدستورية حتى يصبح الوطن بلا دستور وهذا يؤدي إلى تعطيل أو تأخير انتخابات مجلس الشعب؛ كل هذا التآمر ومحاولة الانقلاب إلى الرئيس اضطر الرئاسة للخروج بالإعلان
الدستوري الذي قصد من ورائه تحصين مؤسسات الدولة التي لم تصلها يد التآمر؛ فكان ما كان؛ فكان دور القضاء الفاجر هو إفراغ الوطن من مؤسساته مبتدئا بإسقاط مجلس الشعب المنتخب شعبيا ومنتهيا بإسقاط الرئيس الشرعي، وكان دور الإعلام العاهر هو تلفيق كل تهم العهر بالإخوان والنيل من شخص الرئيس ولم يسمع ان قام بغلق قناة، وكان دور الجيش التخطيط للانقلاب وكان دور جبهة الإغراق هو التنسيق مع الفلول والنزول إلى الشوارع تخريبا وإفسادا وإحراقا ونهبا وسلبا وقتلا والخارج يخطط ويمول .. ثم بعد كل هذا إفشال يطلبون من الرئيس أن ينتج .. ثم يأت من الإسلاميين في اليمن من يتفاخر ليزيد المطعون طعنات والمجرح جراحات؛ فهو من أجل يقنع الوسط اليمني أنه ناجح يصم إخوته في مصر بالفشل ليقف مع المتآمرين من دون أن يدرك لعبة التآمر وحبكتها في صف واحد فيؤكد مثلهم بأن الخلاف بين الشعب المصري وبين ثلة المتآمرين هو خلاف سياسي تسبب فيه الإسلاميون الفاشلون وليس خلاف يبين نصراني يهودي مجوسي من جهة وبين المشروع الإسلامي بغض النظر عن الجهة التي تمثله ؛ ؛ سواء أخطأت أم لم تخطئ وسواء كانت لهم دولة عميقة إم لم تكن لهم دولة عميقة؛؛ فها هم المتآمرون عندما أعلن أردوغان عن إسلامية دولته ولفظ علمانيته التي كان يتخفى بها حسب تصريح متحدثهم التي سبقت الإشارة إليه شرعوا بالتآمر عليه وأن سبب ذلك النجاح هو ظهوره في صورة العلماني ولو تجلت إسلاميته منذ أول وهلة لما كانوا سمحوا له بالنجاح؛ فقد حاولوا إفشال أردغان تركيا قبل مصر الإخوان لكنهم لم يستطيعوا أمام شعبية أردوغان وقصقصة أجنحة قيادات الجيش؛؛ فهل سيستطيع الجيش المصري ولبراليو مصر الاستمرار في إسقاط مرسي على الرغم من الزخم الشعبي الذي يحظى به الإسلاميون في مصر .. نحن في انتظار السيناريوهات التي سيتخذها الجيش لعزل الزخم الشعبي المتمسك بالشرعية وكذلك موقف حزب
النور السلفي والأزهر.. (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)
د.حسن شمسان
ما حدث في مصر.. إفشال وليس فشلاً ! 1512