تشير الدراسات الأكاديمية إلى أن الإطار العام للهيكل الإداري في الدول النامية والتي منها اليمن يقوم على أساس الثقة بالشكل الذي يجعل منه سلسلة من الحلقات المترابطة ابتداءً من القاعدة إلى القمة مروراً بالوسط تترابط فيما بينها على أساس المصالح النفعية المتبادلة وتقوم على أساس الثقة على خلاف الإطار العام للهيكل الإداري في الدول المتقدمة التي لا تشكل هذا الشكل العام البدائي الذي كان يوجد فيها في القرن الخامس عشر ويقوم بناء هذا الهيكل الإداري في هذه الدول المتقدمة على أساس من الكفاءة التي يحدد مفهومها في إطار المبادئ الدستورية العليا ومعايير الدستور والقانون .
وتأتي أهمية هذا المقال إلى الدعوة من خلاله إلى إعادة صياغة الإطار العام للهيكل الإداري على أساس الكفاءة بدلا عن الثقة وذلك من خلال حرص القائد الإداري على مراعاة هذا الأساس المستمد مفهومه وإطاره من قواعد الدستور ومبادئه العامة وقانون الإدارة.
وفي تقديري أن هذه القاعدة التي تمثل أساساً جديداً لبناء هيكل إداري جديد في الدولة المدنية القادمة تلاءم أهداف ثورات الربيع العربي مثل العدالة الاجتماعية والمساواة في السلطة والثروة والمواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص .
كما أنها قاعدة رئيسية مناسبة للدولة المدنية وإدارتها العامة التي ينشدها اليمنيون وينبذون من خلال هيكلها الإداري ونشاطها الإداري وخدماتها العامة التي تسعى لتحقيقها وإشباع حاجات الجمهور العامة من خلالها ينبذون التعتيم والفساد الإداري وهيكل إداري متخلف يكرس عناصر متخلفة على وجه التحديد ثلاثة عناصر أساسيه هي المناطقية والحزبية والفساد ويستبدل بدلا عن ذلك أساس جديد يتمثل في الكفاءة التي يحدد مفهومها الدستور والقانون ويرتب على هذا الأساس في بناء الهيكل الإداري نتائج أساسيه تتعلق بنشاط الإدارة العامة والخدمات العامة التي يقدمها مثل الوضوح والشفافية والالتزام بالمبادئ الدستورية العليا ومعايير الدستور والقانون.
وان كانت الثورة اليمنية قد فشلت في إيجاد تغييرات جذريه تحقق تطورا سريعا وملموسا في بناء الهيكل الإداري وممارسة نشاطها والتزام مبدأ المساواة في الانتفاع بخدماتها حتى على مستوى المرافق التعليمية بالإضافة إلى ضعف الرقابة الإدارية والقضائية وحداثة الدولة اليمنية والصراعات السياسية التي أصبحت تلقي بظلالها على الإدارة ونشاطها إلا أننا ينبغي علينا عدم اليأس والاستمرار في الرقابة والإصرار على تطبيق القانون وعلى وجه الخصوص من كانوا شركاء في ثورة فبراير ومن عانوا من الظلم والحرمان من ابسط حقوقهم وهي المواطنة المتساوية بالإضافة إلي حقهم في المساواة في تقسيم السلطة والثروة.
أن أي انحسار في العمل الثوري الهادف إلى إصلاح الإدارة العامة سواء كان ذلك في هيكلها العام أو مستوى نشاطها الإداري أو الالتزام بالمساواة في تقديم خدماتها للجمهور لا يجوز على الإطلاق التقليل من أثاره في إصلاح وتطوير الواقع الإداري و لا يمكن أن يكون انحسار كلي بل انحسار جزئي فمثلا قد يسعى القائد الإداري إلي تحقيق الشفافية على مستوى المرفق العام بدلا من تحقيق شفافية بمفهومها الكلي ا و أن يعتمد على اغلبيه ممن يثق بهم وقليل من ذوي الكفاءة لا يستطيع تجاوزهم في قرارات اختيار شغل الهيكل الإداري للأسباب الأتية :
الأول : وعيهم بحقوقهم وحرصهم وإصرارهم على المطالبة بها
الثاني: حاجة الإدارة العامة لذوي الكفاءة لإمكانية تطويرها وإحراز تقدم في العمل الإداري
الثالث : رقابه شعبيه من ذوي العلم والخبرة والسلطة في المرفق العام الذين يمثلون ركيزة التغيير الإداري المنشود نحو الأفضل.
د. ضياء العبسي
أساس بناء الهيكل الإداري 1438