لقد نقل لنا القرآن استغراب صحابة رسول الله بعد هزيمتهم في أحد، وتساؤلاتهم كيف ينتصر المشركون أتباع هبل على المسلمين أتباع رسول الله، فأنزل الله سبحانه قوله (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (آل عمران: 165).
ولهذا بعد أحد خطط رسول الله لغزوة حمراء الأسد، وعلينا أن نتذكر أنه من المعلوم بأن التجربة والخبرة والوعي العميق لا تكتسب ولا تتحقق إلا إذا حدثت الأخطاء والفشل، ولكن الخطر كل الخطر هو الاستسلام والخنوع للفشل، أو العودة إلى نفس الأشخاص الذين كانوا السبب في الفشل، أو العودة إلى ممارسة نفس الوسائل والأساليب التي أدت إلى الأخطاء والفشل.
ولهذا الأصل هو إعادة صناعة وصياغة المواقف والعلاقات، ومراجعة ما حدث بوعي وبعقلانية ودراسة الوضع ولا يخيفنا التآمر وبحجته نمتنع عن التقييم والنقد، بل الأصل إشراك المجربين وأهل الخبرة، ومهما كان حجم التآمر- والتآمر كبير ولاشك- ولنتذكر ـن التآمر هومن سنن الله، وما خلق الله إبليس إلا لممارسة التدافع والتآمر بهدف اختبار وابتلاء الإنسان، والأصل أن التآمر يحفزنا و يزيدنا إصراراً على التفكير والتخطيط والمواصلة، وهذا يتطلب إيجاد ثقافة النقلة والانتقال للأفراد والقادة المواكبة متغيرات المرحلة وتصحيح المسار داخل كل الأحزاب و التنظيمات التي تربت في بيئة استبدادية تتقن ما تعودت عليه ولا تواكب المتغيرات، ومن هذا المنطلق فإن على إخوان مصر وهم أدرى بشعوبهم، ولكن من باب التذكير والتنبيه أن يهدأوا ويصبروا ويعترفوا بشجاعة، رغم خطة إفشالهم الكبيرة، والجهنمية، والممولة بسخاء، والتي بدأت بعد نجاح مرسي مباشرة، فالناظر من بعيد يقول: رغم وضوح خطة الإفشال إلا أنهم لم يضعوا خطة مضادة بمعنى فشلوا في إدارة خطة الإفشال، وفشلوا في الحوار، ولم يمارسوا لعبة التكتيكات، ولم يمارسوا لعبة تنوع الأدوار من خلال السلطة خلال العام الوحيد الذي حملوا أنفسهم فيه المسؤولية، وعجزوا عن وضع خطة لمواجهة إعلام الثورة المضادة والقوى المختلفة، والآن المفروض عليهم أن تكون عيونهم على الحرية والديمقراطية والنهوض مجدداً بقوة وعي، ولكن برؤية استراتيجية تعطيهم مساحة للمناورة مع الأطراف الخارجية والداخلية.
محمد سيف عبدالله
التجربة والخبرة لا تكتسب إلا بالوقوع في الفشل والخطأ 1444