لم يكن متوقعاً من الأخ فخامة رئيس الجمهورية, القائد الأعلى للقوات المسلحة, تصريحاً مثل ذلك التصريح الذي يقول فيه (إنه مستحيل أن يترقى حملة الشهادات الجامعية إلى ضابط) ويقصد بذلك أبناءه الجامعيين من منتسبي وزارتي الدفاع والأمن المطالبين بحقوقهم منذ زمن والذين هو قائدٌ أعلى لهم, ومازال الكثير مصدوماً من هذه التصريحات الغير منصفة.
لا ندري على ماذا استند فخامة القائد!, هل على القانون رقم 67 لسنة 1991م بشأن الخدمة بالقوات المسلحة المادتين (13-16) وقانون هيئة الشرطة رقم 21 لسنة 2000 الفقرة (2) واللذان يعطيان الحق بالترقية إلى رتبة ملازم ثاني للعسكريين الحاصلين على مؤهل جامعي حسب الأقدمية بالخدمة؟, أم أن لدى فخامته رأياً خاصاً بفساد ذلك القانون لم ينتبه إليه السابقون من العام المذكور آنفاً؟.
ليكن ذلك فنحن ندرك أن لدى فخامة القائد نظرة ثاقبة ولكن كان عليه أن يكون القدوة والمثل الأعلى للمواطن في احترام القانون وتنفيذه مهما كان وإلا فتح الباب أمام الخارجين عن القوانين ليعتذروا بحماقة وفساد القانون أو لعيب ما فيه.. فأنا أقول لسيدي القائد: عليك تنفيذ القانون كما هو ولا يجوز لك بأي حال تسفيه القانون ولا أن تتخطاه وإن رأيت فيه عيباً يمكنك تغييره كما تشاء حسب النظام والدستور, فبيدك مقاليد الحكم وطبقاً للدستور أن لا تطبقه بأثر رجعي, فإذا كان رأس النظام والقائد الأعلى للقوات المسلحة لا يعترف بالقانون ولا (يرغب) بتنفيذه لسبب خفي في نفسه, فماذا ننتظر من بقية المواطنين؟ ثم إنك إذا استحلت إعطائهم حقوقهم القانونية ماذا عن زملائهم الذين يحملون نفس المؤهلات وربما أقل تخصصاً وعددهم (354) شخصاً تم ترقيتهم إلى رتبة ملازم ثاني وعدد (30) منحة دراسية للجامعيين بوزارة الداخلية إلى المملكة سنوياً تعطى إما لأولاد المسئولين أو وفقاً للانتماء الحزبي، بالإضافة إلى عدد من الأشخاص الذين حصلوا على توجيهاتكم الشخصية بترقيتهم إلى الضابط في الوقت الحالي, فهل هناك أناس أقل منزلة من أناس آخرين, أم أن هناك مواطنة من الدرجة الأولى وأخرى من الثانية والثالثة.. الخ؟.. (مالكم كيف تحكمون)؟, كيف هؤلاء توجه بترقيتهم وأولئك (مستحيل) عليهم؟..
والعيب عندما يعتذر بالقول (إن هناك تضخماً كبيراً لدى الضباط بوزارتي الدفاع والداخلية), فكيف إذاً توجهوا بفتح الكليات العسكرية والأمنية؟, أليس المتخرجين سيضافون مثل الجامعيين إلى ذلك التضخم المزعوم؟, أم انه تضخم عندماً يكون لحساب المساكين والمواطنين البسطاء واستراتيجية عندما يكون لأبناء القادة والمسئولين والمشائخ؟, (مالكم كيف تحكمون)؟.
إن ما يعلل له مما سبق، وبالإضافة إلى ذلك (أن الجامعي يبدأ دراسته بالابتدائية ويكمل دراسته الجامعية وهو لا يعرف معسكره أو مقر خدمته), كمال قال القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن, إذا كان المقصود منه لماذا يدرس ويتعلم يقهر الجهل رغم الظروف الصعبة فهذا شيء أرده إلى العقلاء في وطننا الحبيب, وإذا كان المقصود أنه لا يعرف وحدته (مفرغ) فإنه عذر ينقلب عيبه عليكم وعلى الفساد الإداري للمؤسستين الوطنيتين ونحن نؤكد أن هناك من لا يعرف مقر عمله سواء من الجامعيين أو الأفراد العاديين, بل إن هناك من هو في بطن أمه وهو عسكري من أولاد المسئولين وهناك أسماء وهمية.. الخ, (وكثير لا يسعني أن أذكرهم في هذا المقال) ولكن في المقابل هناك الكثيرون ممن عمل وكد في الميدان ولم تعرف ذاكرته أنه تفرغ أو تغيب لمدة يعاب عليها, جنود مجهولون لم يكترث لهم فخامة القائد أثناء خطاباته أو على أرض الواقع, فكيف بسلب حقوقهم القانونية؟, فهل من العدالة الانتقالية والدولة المدنية الحديثة والجيش الوطني الصلب والمتماسك الرادع انتقاء الترقيات لأناس من الدرجات الأول وتعميم السيئة على البقية الكادحة؟..
كان من الواجب على القيادة أن تقوم باستراتيجية تعطي العامل حقه وتعيد تأهيله بالمراكز التدريبية لمدة تقررها لجنة مختصة وتحرم الغير عامل (ولا تزروا وازرة وزر أخرى), نحن لا نطالب بمبدأ الثواب والعقاب, لأننا نراه من المستحيلات, ولكن نطالب فخامته بالتراجع وإعادة النظر في تلك التصريحات وإعطاء كل ذي حق حقه بغير نقصان ولا زيادة على الأقل, إلا إذا كان التعليم جريمة محرمة على الجنود من القوات المسلحة والأمن يعاقب عليها القانون العسكري لكي يظلوا جهالاً ففي هذه الحالة يجب إحالتهم إلى المحكمة العسكرية لتقول فيهم كلمتها وينالوا الجزاء الرادع لما ارتكبوه من إجرام في حق الجيش الوطني.
فخامة القائد: لقد كان لليمن الفخر أن لها جيشاً وأمناً تعلم وتثقف بحافز نفسي بدون تدخل أجهزة الدولة أو تعينهم وتسهل لهم كل ما امكن مع استمرارهم بأعمالهم وتفوقهم في أعمالهم وأنا أعرف أن أغلب أولئك الجامعيين يمسكون أماكن حساسة وهم مبدعون أكثر من غيرهم, وكان الفخر أكبر عندما تراهم يطالبون بحقوقهم عبر الطرق السلمية (وهم من يملكون السلاح وخبيرون فيه), بل ومطالبتهم عبر الطرق القانونية عبر الوزارة ومجلس الشعب ومؤتمر الحوار الوطني وعبر مكتبكم (الرئاسة والقائد الأعلى للقوات المسلحة), فماذا تريدون أكثر من ذلك؟..
كلنا نأمل ألا يكون استنادك على التنظيرات الشخصية للقيادة المقربة إليك (سحرة فرعون) الذين يهمهم التقرب على حساب عرق وتعب المساكين, وما نفع الرئيس السابق تلك البطانة, بل زجوه في صدام مع شعبه وتركوه وحيداً وتنصلوا للأيام الخالية.. كما نأمل أن تحكم عقلك الوطني الذي عهدناه دوماً يهتم بكل مواطن يمني بدون تمييز, فكلنا ثقة أن تكون استجابتك لصوت أولادك الجامعيين أكثر من استجابة فخامتكم لصوت أولئك المقربين, فالقائد كما تقول "من يحس كل مرؤوسيه أنه قريب منهم", فهؤلاء يجب مكافأتهم لا تهميشهم, وتحفيزهم على مثابرتهم لا إحباطهم, وإعطائهم أكثر مما يستحقون لا حرمانهم من حقوق قانونية.
مدين القحطاني
كن منصفاً فخامة القائد 1287