;
د. حلمي محمد القاعود
د. حلمي محمد القاعود

جمهورية تاوضروس العسكرية ! 1213

2013-07-06 18:06:16


كتبت منذ فترة طويلة مقالاً بعنوان " استأذنوا الكنيسة أولا" وذلك في أثناء مناقشات اللجنة التأسيسية للدستور، وانسحابات بعض الأعضاء منها، ومحاولات إلغائها قضائياً وسياسياً وتعطيل إنجاز الدستور لحساب الطائفة ورفضها للإسلام والنص عليه دينا رسميا للشعب المصري؛ فهي التي تملك تحريك الأحداث والأشخاص الذين يؤثرون في حركة الدولة والمجتمع بحكم اتصالاتها العالمية والمحلية .
الكنيسة لم تهدأ منذ ثورة يناير، وظهور الحركة الإسلامية في الساحة ، واكتسابها شعبية كاسحة في الانتخابات والاستفتاءات؛ لذا قادت عملية مناهضة صريحة ومستترة ضد التيار الإسلامي ووصوله إلى حكم مصر، وجمعت حولها الأقليات العلمانية من شيوعيين وناصريين وليبراليين وانتهازيين ومرتزقة ، فضلا عن الطليعة الكنسية المتمردة التي أنشأها شنودة وغذاها تحت ستار ما يسمى الكشافة أو الناشطين الحقوقيين الذين يملأون وسائل الإعلام ومخاطبة الجمهور، فضلا عن خونة المهجر من المتمردين الذين انتهي بهم المطاف إلى إعلان ما يسمى بالدولة القبطية المستقلة ، وعزف هؤلاء جميعا نغمة الدولة المدنية ضد الدولة الدينية – يقصدون الإسلامية. وتحركت ماكينة الدعاية الجهنمية التي يقودها المرتزقة لشيطنة الإسلاميين وإظهارهم بمظهر الفاشلين ، والتشهير بهم من خلال التركيز على الجزئيات على طريقة "لا تقربوا الصلاة .." ، ولأن الإسلاميين كان يمنعهم الحياء والحرص على الوطن من مواجهة هذه الجريمة النكراء ، فضلا عن ضعف الأدوات الإعلامية لديهم، فقد اقتنع كثير من الناس بالأكاذيب التي أطلقت ، والشائعات التي ترددت ، فضلا عن تحريك الدولة العميقة لتخريب البلاد ، وصنع المشكلات ، وتوتير الأوضاع ، وصارت الأغلبية الإسلامية شيطانا يجب رجمه بكل السبل ، وهو ما انتهى إلى الانقلاب العسكري الذي شهدته البلاد
في الأيام الماضية .باركت الكنيسة ما يسمى بحركة "تمرد" المأجورة ، وعبّر تاوضروس عن سعادته بها وبتظاهرات العلمانيين والطائفيين في 30 يونية، وشجع أفراد الطائفة على النزول والمشاركة فيها ، وفعلت مثله القنوات الفضائية النصرانية ، التي لم تتوقف عن التحريض ضد الرئيس المسلم والحركة الاسلامية ، وأعلنت مذيعة نصرانية متمردة أن " دم يسوع لا بد أن يملأ الميادين " !! وقال متمردون طائفيون إن الإسلام سينتهي في 30 يونيو ، وإنهم لن يقبلوا بحكم الشريعة .
وفي جلسة القرار الآثم بقلب نظام الحكم ، وعزل الرئيس المسلم محمد مرسي ، وقف تاوضروس أمام قائد الانقلاب العسكري يبارك عملية العزل ويؤيد الانقلاب ، ويقدم نفسه للعالم في المشهد المأساوي أن الكنيسة هي التي قررت إنهاء وجود التيار الإسلامي في الحكم بل إهانة أول رئيس مسلم انتخبه الشعب المصري في انتخابات حرة نزيهة من خلال كلمته الشامتة، وقائد الانقلاب سعيد بما يقول ، وبجوارهما شيخ معمم كان عضوا في لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل يبدي فرحه بالانتقام من الرئيس الذي جاء من جماعة تمثل له قلقا ، وتذكره بجريمة تقديمه لأبنائها إلى محاكمات استثنائية وإدخالهم السجون سنوات غير قليلة ، وقد عبر أهله وذووه في قريته بالأقصر عن فرحهم بالانقلاب العسكري، حيث أطلقوا الأعيرة النارية والزغاريد ابتهاجا بتولي الجيش مقاليد الأمور في البلاد! كما كان يجلس في المؤخرة ممثل لحزب يقول إنه إسلامي آثر الدنيا على الآخرة ووافق على التضامن مع فريق الانقلاب على الرئيس المسلم وشطب الإسلام من الوجود السياسي!
الكنيسة ترفض الإسلام والمسلمين، وموقفها الخياني مفهوم، ولكن غير المفهوم موقف من ينتمون إلى الإسلام بالعمامة أو اللحية ، أنى لهم أن يوافقوا على جريمة العسكر في حق الوطن والإسلام والمسلمين ، وأني لهم أن يوافقوا على إلغاء الدستور وإسقاط الرئيس المسلم، واعتقال القيادات الإسلامية وإغلاق القنوات الفضائية الإسلامية والتنكيل بالعاملين فيها؟ هل يدعوهم الإسلام إلى التقرب إلى الله بهذا الفعل الفاضح ؟
نفهم أن تكون الكنيسة سعيدة بالطاغية حسني مبارك لأنه كان يحارب الإسلام ويعتقل الإسلاميين ويحاكمهم محاكمات استثنائية ، ونفهم أنه لا يعجبها أن يكون الشعب المصري حرا يعبر عن إرادته أو عقيدته، كما نفهم ترحيبها وإسهامها في الانقلاب العسكري ؛ ولكن لا نفهم سر السعادة البادية على العمامة الإسلامية واللحية السلفية!
إن الكنيسة بعد أن فشل شنوده على مدى أربعين عاما في القضاء على الحركة الإسلامية مع كل ما قدمه الطاغية من مساندة، وكل الامتيازات غير المشروعة التي حصل عليها الأنبا وطائفته ؛ من بناء كنائس، وقوانين خاصة فوق القوانين الإسلامية ، ووظائف فوق العادة، وتسخير الإعلام والصحافة لخدمة التمرد الطائفي وتسويغ ما نالوه من امتيازات عنوة رغم أنف الشعب، فإن خلفه جاء ليسير على الطريق ذاته ويسعى إلى شطب الإسلام من مصر تماما في التعليم والثقافة والإعلام والتشريع والقانون والاقتصاد والحياة العامة، وقد استطاع منذ مجيئه إلى رئاسة الكنيسة أن يجند معدومي الضمير ممن يحملون أسماء إسلامية ؛ للتشهير بالإسلام ومحاربة الإسلاميين ، وقد استطاع صبيانة في الكنيسة أن يشكلوا ميليشيات مسلحة تحت مسميات مختلفة وأن تقوم بجهد غير مشكور في التظاهر وعصابات البلاك بوك الاجرامية وعمليات العنف التي استخدموا فيها المولوتوف والخرطوش والرصاص الحي وخاصة في أحداث الاتحادية وماسبيرو ودوران شبرا ..
اليوم يفاخر تاوضروس بأنه استطاع أن يكون أول رئيس للكنيسة يتصدر في عزل رئيس مسلم يحفظ القرآن ويصلي في المساجد ، ويكره الظلم والطغيان ، كما يفاخر بأن قائد الانقلاب يخضع له ولإرادته ومطالبه ، ووزير الداخلية يكشف عن ولائه المطلق لأعداء الشعب ، وكراهيته للإسلام والمسلمين ، ويعبر عن ذلك عمليا بالقبض على العشرات من القيادات الإسلامية ، ويعيد أمن الدولة إلى سيرته الأولى في انتهاك الحرمات ،ومصادرة الحريات، وإهانة المواطنين، والتآمر على قتل المتظاهرين الإسلاميين والقبض عليهم بتهم معلبة وجاهزة، والزعم بأنه ضبط كميات هائلة من الأسلحة والذخائر والقنابل كانت معدة لضرب المتظاهرين غير الإسلاميين!
يمكن القول إن تاوضروس يقود الآن جمهوريته العسكرية التي اسقطت النظام الشرعي والرئيس المسلم الشرعي، وهي الجمهورية التي لا ترقب في الإسلام والمسلمين إلاًّ ولا ذمة.
ولكن هل يستمر طويلا هذا الوضع المدجج بالسلاح وأبواق الكذب المأجورة والشائعات المغرضة ، والعسف الأمني الظالم ، وعنف أمن الدولة في ثوبه الجديد ؟
لا أظن أن الطريق سيكون ممهداً لجمهورية تاوضروس العسكرية، لأن الشعب المصري اختلف، والزمان اختلف!.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد