;
محسن فضل
محسن فضل

عزل مرسي.. عبثُ سياسي 1393

2013-07-06 17:58:41


كنت أظن أن ثورات الربيع العربي قد وضًحت للعالم أن مجتمعاتنا العربية استوعبت جيداً معنى الديمقراطية والحرية حين ثارت هذه المجتمعات غاضبةً على الأنظمة التي تحكمها وهي أنظمة سلطوية امتازت بظلمها الشديد لشعوبها فكان القمع والترهيب ونهب الأموال العامة من أهم سمات تلك الأنظمة المستبدة؛ حتى جاءت ثورات الربيع العربي فظننا أن الأمر قد اختلف تماماً عما كان عليه سابقاً وأن الشعوب العربية لم تعد تلك الشعوب التي ترضخ للظلم والطغيان والفساد وأنها أصبحت تدرك معنى أهمية أن تسود الديمقراطية والحرية على مجتمعاتها؛ إلا أن ما جرى في دولة مصر العربية قد أوضح تماماً أن المجتمعات العربية لا يزال مفهومها للديمقراطية قاصراً؛ وأن في دعوتنا لجيوشنا العسكرية كي تساعدنا لنيل حقوقنا ومطالبنا المدنية يظهر كم نحن مدمنين لحكم العسكر.
إن ما حصل في مصر يعد مخالفاً لمفهوم النظرية الديمقراطية والتي كانت مصر هي الدولة العربية الأولى التي تم فيها اختيار أول رئيس مدني عن طريق انتخابات حرة ونزيهة؛ فكيف لمطالب حقوقية يمكن لها أن تتجاوز حدود الديمقراطية والشرعية الدستورية؟, بل وتنسف بهما؟.
أنا هنا لست إخوانياً حتى أدافع عن مرسي ولكنني وبفكري اليساري أقول الحق وأدافع عن أسس الديمقراطية الحقيقية والسليمة؛ إذا كان الرئيس مرسي قد ارتكب بعض الأخطاء التي من الممكن ومن خلال انعقاد جلسة تفاوضية يمكن حلها إلا أن مثل هذه الأخطاء المرتكبة لا تعد مبرراً للطعن في شرعية مرسي والمطالبة بتنحيه؛ لأن السعي إلى الإصلاح ونيل الحقوق شيء والسعي إلى تعزيز الديمقراطية وترسيخها شيئاً آخر، أما إذا كانت الأخطاء والتجاوزات التي يرتكبها حكام العالم تستجوب ضرورة عزلهم وترحيلهم, فمن المؤكد أنه لن يكون هناك من زعماء العالم من يحكم ولو سنةً واحدةً فقط.. ما هي المبررات حتى يعزل الرئيس مرسي؟, هل لأنه أتى إلى الرئاسة بطريقة ديمقراطية ونزيهة؟, أم لأنه كما يقول البعض أخون مصر من رأسها إلى أخمص قدميها؟.. إذا كان الأمر كذلك فمن حقه وحزبه أن يحكما مصر خلال فترتهما الرئاسية المحددة, وإلا فما معنى الديمقراطية والتعددية السياسية؟.. وما على قوى المعارضة إلا أن تحترم العملية الديمقراطية وتضمن جيشاً وقضاءً مستقلين وتضمن أيضاً دستوراً صحيحاً وفعالاً وذلك من خلال ممارستها ضغوطاً على الحاكم لضمانها المراحل الانتخابية التنافسية الأخرى وحتى لا يصبح الحاكم يوماً ما شبيهاً بحكام الأنظمة السلطوية سابقاً.
الشيء الذي يدعو للأسف هو أن هناك من المحللين الساسة والمفكرين من يعددون نوع الكوارث التي حصلت في عهد مرسي دون إعطائه أدنى مستوى من الإنصاف وأن كارثة واحدة منهن كفيلة بإسقاطه؛ ومن ضمن هذه الكوارث سدَ النهضة الأثيوبي الذي سيمنع عن مصر الكثير من منسوبها المائي (النيلي) وهو الأمر الذي وقف ضده الرئيس مرسي بكل جدية وصرح أنه حتى استخدام القوة قد يكون متاحاً تجاه هذا الأمر, إضافة إلى ظاهرة اختطاف الجنود السبعة المصريين وقد رأى الجميع كيف أمر الرئيس مرسي بتحرك قوة عسكرية من أفراد الجيش المصري لتحرير الجنود المختطفين, وهو ما دفع خاطفو الجنود إلى الإفراج عنهم دون شروط مسبقة.
أود أن أقول: إن الديمقراطية هي أن تتيح للحاكم حرية الحكم وأن تتيح للمعارض حرية الاعتراض, بشرط أن يسعيا كلاهما إلى تحقيق مصلحة الشعب والوطن من كل الجوانب، أما أن أكون حاكماً فأجعل كل شيء من مصلحتي وحزبي أو أن أكون معارضاً فأتبنى الوسائل المكلفة والهدامة لأجل إفشال من يحكمني, فهذه ليست ديمقراطية وإنما لعبة أطفال.. أتمنى أن ما حدث في مصر تستوعبه الشعوب العربية وبالأحرى ممثلوه السياسيون وقادة قواه الحاكمة والمعارضة, سيما في بلدنا(اليمن).
أخيراً: هناك من يصف ما جرى في مصر على أنها تعد ثورة حفاظاً على ثورة يناير وهناك من يشبه الحدث على أنه انقلاب عسكري بوجوه مدنية.. لكنني أقول إن ما جرى في مصر أخيراً ليس إلا عبثاً سياسياً قام به من لم يعترف بالآخر ومن لم تكرس الديمقراطية في فكره بعد؛ ومن يرى أنه ليس من حق الآخرين أن يحكمونه يوماً ما.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد