إننا بأمس الحاجة إلى تعزيز التفكير السنني التأملي الذي أمرنا الله به في القرآن الكريم في الآيات 137 وما بعدها من سورة آل عمران (قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ (آل عمران : 137 ), (هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (آل عمران : 141 ), وفي الآية 251البقرة(ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض).
إن السير في الأرض والنظر إلى ما وصلت إليه البشرية في مجال الاكتشافات المادية والمعنوية في التغيير والإبداع السياسي في الوصول إلى تبادل السلطة بالطرق المؤسسية والسلمية, بمعنى أن العقلاء وضعوا أسس التدافع الإيجابي لخدمة شعوبهم مفصلاً في الدساتير، ونحن في الوطن العربي ما زلنا في الصفر..
ولهذا ما يدور في الوطن العربي عموماً وفي مصر خصوصاً من ثورات مضادة هو أمر طبيعي بسبب ضعف التجربة وضعف قادة ثورات الشعوب العربية باستيعاب تنوع قوى الثورة, ولهذا ما يحدث هو أمر طبيعي، لأننا لم ننظر سياسياً لاستيعاب المستجدات، وليس لنا تجربة حكم في تداول السلطة حقيقية، والقرآن يدلنا على مجال رحب لاكتشاف الظاهرة البشرية, واستخلاص العبر، ولهذا ما يحدث في مصر هو بداية تدافعيه سلمية من جماهير الشعب, فاذا استمر سلمياً وتحاوروا سلمياً بدون أجندة خارجية وتدخل دول بأموالها هنا هو بداية الوعي الحقيقي, وإن استجابوا للأجندة الخارجية هنا سيتحولون إلى قطيع.. نحن نريد متظاهرين يحملون هم الوطن وحماية الحرية ومنع بوادر أي استبداد من أي طرف كان ويطالبون بالمعايير والتحديث.
إن المطلوب منا أن نعرف سنن الله في التغيير, فمعرفتنا ستجعلنا أقوياء وواعيين وناضجين في التعامل مع الأحداث والأوضاع القائمة في عالمنا العربي عموماً وفي مصر خصوصاً وتفسر ما يحدث تفسيراً صحيحاً.. ولهذا نجد أن الله استخدم الآيات في سياق الصراع التدافعي, فهناك أناس مؤمنون ومخلصون يصيبهم القرح, وتدور عليهم الدائرة والعكس.. ولهذا نجد أن الله بعد أن يأمر بالتفكير وبالسير في الأرض ويخبرنا بأن الآلام متبادلة بين كل البشر والأطراف، وأن الأيام بين الناس دول, إما بالدماء أو بالاتفاق والتدافع الإيجابي, وإما حوار عقول أو حوار عجول.
محمد سيف عبدالله
خروج الشعب المصري رسالة للشعوب والحكام معاً 1259