مصر الآن أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى إعمال صوت العقل والضمير من قبل كافة القوى المتصارعة، فالوضع ليس بالبساطة التي يصورها البعض, مستنداً إلى بيان الجيش الذي صدر مؤخراً وأمهل كافة الأطراف 48 ساعة للتوافق وإخراج مصر من حالة الانسداد الذي وصلت اليه، أعتقد أن البعض يقرأ هذا البيان بطريقة خاطئة معتقدأ أن الجيش سيتدخل لإنهاء حكم الرئيس مرسي كما فعل مع الرئيس المخلوع مبارك، فلا أعتقد أن قادة الجيش المصري بهذه السذاجة وهم يدركون أن مرسي منتخب انتخابا ديمقراطياً شهد له العالم بنزاهته، ولا زال يحظى بشعبية عريضة في مصر رغم المعارضة الواسعة ضده، فإذا حاول الجيش إنهاء حكم مرسي بنفس الطريقة التي استخدمها مع مبارك فهذا يعني أنه حكم على مصر أن تدخل نفقا مظلما لا احد يستطيع تصور عواقبه، وسيشعر الاخوان المسلمون بالغبن والظلم والضيم في آن واحد، وربما هذا الشعور يدفع الكثير منهم إلى اتخاذ مواقف متشددة، والكل يعلم حجم الثمن الذي دفعته الجزائر عندما فاز الإسلاميون في الانتخابات ورفض النظام آنذاك بالتسليم بالنتائج ونتيجة لحمق النظام الجزائري آنذاك وعدم تسليمه بالواقع دفع الشعب الجزائري من دمه وأرواح أبنائه وثرواته ثمنا باهضا، فلا أعتقد أن الجيش المصري من الغباء ما يجعله لا يحسب العواقب، وأعتقد أن القصد من بيانه حث الأطراف إلى التقارب وإعطاء تنازلات كبيرة من قبل كل الأطراف.
لاشك أن الأزمة في مصر أصبحت عميقة وغائرة وتحتاج إلى شجاعة من كل الأطراف سلطة ومعارضة في كبح جماح أنفسهم وإعطاء تنازلات كبيرة من قبل كل طرف بحجم كبر الأزمة وبحجم حبهم لمصر أن كانوا صادقين في حبها، مالم فإن الطوفان سيغرق الجميع بما فيهم الدول التي تغذي الفتنة دون استشعار منهم أنهم يلعبون بالنار..
قلوبنا وكل مشاعرنا مع أرض الكنانة بأن الله يحفظها من كل سوء ومكروه ويوحد كلمة أبنائها على الخير والصلاح.
محمد الحميري
مصر وبيان الجيش 1514