لم أكن أدرك قبل الربيع العربي حجم الحقد والعداء والضغينة التي يحملها زعماء العلمنة أو دعاة العلمانية ومن يدور في فلكهم تجاه حركة الإخوان المسلمين أو من يحمل مشروعاً أو صفة إسلامية.. كنت أظن أن العداء التاريخي بين هذه الجماعة التي شكلت الوسطية والاعتدال في أطروحاتها وبرامجها وبين الناصرية والبعثية السورية على وجه الخصوص نتيجة الصراع الأيديولوجي والصدام الدموي, أو بمعنى أصح التنكيل الشديد الذي قام به النظامان في حق هذه الجماعة أيام المد الناصري الذي حاربها وقتل دعاتها وعلمائها ومفكريها ونكل بهم أشد التنكيل ومثله البعث الأسدي الذي توج محاربته هذه الجماعة بمذبحة حماة التي شكلت وصمة عارفي تاريخ الإنسانية الصامتة عليها يوم ذاك وعبر التاريخ..
ربما كنت أتوجس خيفة أحياناً من وصول هذه الجماعة للحكم نتيجة التهويل الإعلامي والحملات الشرسة التي كان وراءها الإعلام الغربي وأذياله وأتباعه وأذنابه من أبناء مجتمعنا, حين صوروا لنا كلما هو إسلامي بعبعا يثير الخوف والرعب والفزع وزرعوا في عقولنا وتفكيرنا ومخيلتنا الإسلام فوبيا والإخوان فوبيا وجعلونا نتناسى أننا مسلمو الهوية والعقيدة والانتماء وإن اختلفنا في الرأي فلن نختلف في العقيدة والمصير المشترك.
ما يثير التساؤل والحيرة: لماذا يتحرك الطابور الخامس من دعاة العلمانية بنقائضه واختلافاته بجحافله كلها جامعاً بين الفاسد الغارق حتى الثمالة في الفساد وبين المدعي للثورة تجاه محاربة هذه الجماعة, رغم تاريخها الجهادي والنضالي والتي شكلت صخرة الصمود في وجه القهر والكبت والتعسف وقاومت الدكتاتورية والطغيان؟, لماذا لا يعتبر هؤلاء مناضلين ومقاومين وشهداء؟, ما الذي منع من استحقاقهم هذه الألقاب في قواميسكم؟, لماذا تتواجد على صفحات أسفاركم وأمجادكم صور وأسماء أشخاص ليس لهم أي انتماء لأمتنا وتاريخها ومجدها كغاندي ومانديلا وتشي جيفارا وغيرهم ويغيب حسن البناء وسيد قطب وغيرهم كالشهيد الأسطورة احمد ياسين, المقاوم والمجاهد, الشهيد الذي قاد أعظم حركة في وجه الصهيونية وهو مشلول على كرسي متحرك؟, لماذا يتهم هؤلاء ويشكك في ثوريتهم؟, هل بمجرد أن على وجوههم اللحى بينما كاسترو على رأس الثوار عندكم ولحيته تلامس سرته, وأنا أتكلم هنا عن الوصف الشكلي بعيداً عن الدين والتدين؟, لماذا لا يتم تقبل الآخرين وتحترم آراءهم وعقائدهم ويعترف بدورهم النضالي والجهادي والكفاحي الرائد؟, ولماذا تصادر عقود وسنين من كفاحهم وجهادهم ويسكت عمداً التكلم عن رصيدهم والذي وصل حد تقديم أنفسهم للمشانق وميادين الإعدام وعذابات السجون, كل ذلك في سبيل دعوة آمنوا بها كان هدفها تحرير الإنسان من ربقة عبودية الطغاة؟..
ما الخيانة التي ارتكبها هؤلاء في حق أمتهم حتى نكيل لهم كل التهم والشتائم ونصفهم بكل صفات الإرهاب؟, لماذا يحق لكم أن ترفضوا الدكتاتورية ومن يتكلم منكم عنها صنعتم له تمثالاً وترفعوه لدرجة التقديس وتمطروا عليه ألقاباً تعجز قواميسكم عن حملها وعن استيعابها, وعندما يثور هؤلاء ضد الظلم بكل أشكاله وأنواعه تصفونهم بالظلاميين والإرهابيين, وأكبر تهمة تلوكها ألسنتكم إخوان مسلمين, تقولونها بملء الفم وكأنكم اكتشفتم شيئاً ليس له مثيل؛ بينما هؤلاء كانوا ضحايا الدكتاتوريات والفاسدين الذين صفقتم لهم حتى كلت أياديكم, في حين كان من تصفونهم بالإرهاب أو الإخوان إما محكوم عليهم بالإعدام أو السجن وإما مطاردين مبعدين ومشردين؟!.
علي الربيعي
أنا إخواني الهوى لا إخواني الانتماء 1518