للحوار أهمية عظمى فهو مفصل هام من مفاصل التحولات الهامة في حياة الأمم والشعوب وإليه يعزى سر التقدم والنهوض الحضاري والمجتمعي وعليه تعلق المجتمعات والشعوب آمالاً عظيمة في الدفع بعجلة التنمية قدماً إلى الأمام وذلك لأن الحوار يعطي فرصة كبيرة للتقارب فالمكاشفة ثم تحمل الهموم الواحدة والمفضي إلى تطابق وجهات النظر بين مختلف فصائل العمل السياسي والحزبي، فضلاً عن تطابق وجهات النظر بين مختلف مكونات الأمة والمجتمع.
وحتى يكتب للحوار الوطني مساحة كبيرة من النجاح والنهوض يجب على الشعب عدم الإصغاء لتلك الأراجيف التي يشيعها الطابور الخامس الذي يدفع باتجاه فشل الحوار إعمالاً لتنفيذ أجندة خارجية ترمي الدفع بالوطن إلى مستطيل العنف والاقتتال ومن بين تلك الأراجيف ما يتعلق بأن مؤتمر الحوار الوطني ليس له أي مسحة وطنية، بل أدبياته ووثائقه خارجية والطباخ هي قوى خارجية ترمي السيطرة والنفوذ على البلاد وأن نتائج ومخرجات الحوار معروفة ومطبوخة سلفاً وإن تقديم الرؤى والأطروحات السياسية والثقافية والفكرية إنما هي تحصيل حاصل ولا تعدو عن كونها مجرد تنفيس لا يؤبه له.
ومن نافلة القول نود التأكيد على أن ذلك الطرح المستهلك العقيم لتلك القوى التي تثبت تورطها بالدفع بالبلاد إلى الانفلات الأمني والفوضى العسكري، هو ذات الطرح في إشاعة الأراجيف إبان نجاح ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م وهي نفس القوى التي تحاول فرض الاستبداد والدكتاتورية والحريات والأمن والأمان والسلام الاجتماعي وتريد أن تفرض ما يسمى السيد ليستبعد الشعب الذي ينظرهم ما هو إلا عبارة عن قطيع من العبيد.
ويجب علينا ثانياً من أجل أن يكتب للحوار مساحة كافية من النجاح والنهوض وإحراز الفلاح والتقدم أن يهيأ المحاورون أنفسهم لخدمة الوطن وأن تكون مشاركتهم الفاعلة في مؤتمر الحوار الوطني إنما هي محصورة في مربع خدمة الوطن والخوف على مصالحه السيادية العليا وعلى أمنه واستقراره وعافيته السياسية والاجتماعية.. زد على ذلك ما ينبغي أن يعتقده المحاورون بأن خمسمائة وستين عضواً هم قوام أعضاء مؤتمر الحوار الوطني لا يمثلون مناطقهم وقواهم السياسية والحزبية وإنما يمثلون المجتمع والشعب اليمني برمته، لذلك ومن أجل نجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل ينبغي على المشاركين أن يتحدثوا باسم خمسة وعشرين مليون مواطن يمني بدلاً من التقوقع في ملامسة هموم قراهم ومناطقهم وعشائرهم، فالخطاب يجب أن يرتقي إلى مستوى المسئولية الوطنية والتاريخية التي يتمثلها عضو مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
إلى ذلك فإن الأرقام والمعطيات تبشر بخير في اتجاه إحراز كرامة للمتحاورين وهي كرامة الحوار التي يجب أن تصب في إنجاحه وتخرج برؤية ثاقبة ومبصرة وتوافقية لطبيعة النظام السياسي الذي سيحكم ولشكل الدول المدنية الحديثة ولدستور الجمهورية اليمنية الذي يجب أن يؤكد على الشراكة الوطنية بين مختلف القوى والفصائل السياسية الوطنية والمستقلين والشباب والشراكة أيضاً في السلطة بين الشمال والجنوب وفي الثرورة أيضاً والتأكيد أولاً وأخيراً على أن الشريعة الإسلامية السمحاء هي مصدر جميع التشريعات والقوانين المنظمة للدولة اليمنية الحديثة وتحقيق التوازن السياسي المأمول بين القوى الوطنية والاجتماعية وهو ما لا نعنيه من تحقيق توازن بين الإسلاميين والليبراليين.. المهم أن يكون هم ـ بفتح الهاء ـ إنجاح الحوار هو هم جميع أفراد الشعب اليمني العظيم الذي من المفروض أن يسمو فوق الجراح ويحقق المصالحة الوطنية العامة شريطة لا ضرر ولا ضرار وإعادة الحقوق المسلوبة من أراضٍ وغيرها من أبناء الجنوب ومكافحة الفساد المالي والإداري والتأكيد على الحرية شريطة عدم مخالفة الشريعة الإسلامية والتأكيد أيضاً على احترام حقوق الإنسان والحفاظ على الحدود والأراضي السيادية براً وبحراً وجواً.. وإلى لقاء يتجدد والله المستعان..