إن فقه متطلبات الواقع وأولوياته واستيعابه أصبح اليوم من أوجب الواجبات، ومن الضروريات لرجال ونساء التغير في اليمن وخاصة قيادات الأحزاب والجماعات وصناع الرأي العام عموماً، ولمدرسي الثقافة الإسلامية ولمشايخ علوم الشريعة الإسلامية وللخطباء والوعاظ والكتاب خصوصا، بل إن من أوجب الواجبات على الجميع فهم متطلبات الواقع اليمني من أجل تهيئة الجيل بما يواكب المرحلة، ومن أجل التخطيط للمستقبل، وإذا لم نفهم متطلبات الواقع فسيكون عملنا ضد الواقع المتغير، وأي عمل مهما كان كبيراً بدون أهداف لا قيمة له، وضياع الهدف مرهون بغياب فقه متطلبات الواقع.
إن فقه الواقع ضروري لأي مشروع وتشريع أو تنزيل، وإلا وضع الشيء في غير موضعه، ووسد الأمر إلى غير أهله وزمانه، وما بعثة الرسل عليهم الصلاة والسلام في أقوامهم إلا مراعاة لفقه الواقع، وما تطور تنزيل الدين عبر التاريخ إلا مراعاة لتطور واقع حياة الناس..
وبما أن شعبنا اليمني اليوم قد ثار علي الوضع الذي قد فسد وأفسد، وشاخ وأشيخ، ووهن وأوهن، وكل ذلك بما كسبت أيدي الناس عموماً والنخب السياسية والدينية والاجتماعية خصوصاً، وما حدث هو بسبب من سكوت الجميع، ولكن بالثورة واستمرارها والعمل على تحقيق أهدافها سيتم فهم الواقع وفهم متطلبات التجديد والتحديث والتطوير لواقعنا اليمني، وذلك من خلال مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، ولهذا أصبح من أولويات وواجبات الشعب اليمني وقواه السياسية الحية دعم وإنجاح مؤتمر الحوار الوطني كفريضة شرعية وضرورة حضارية، ولا سبيل إلى تحقيق ذلك بغير فقه واقع الشعب اليمني.
إن التجديد يتطلب فقهاً مقاصدياً للدين، وفقهاً للتدين، وفقهاً للواقع وفقهاً لكيفية التجديد.. وللأسف هذا ما هو جامد لدى الكثير، ولكن أملنا بمن يحملون هم الوطن من كل القوى, وكذلك أملنا بما سيخرج به أعضاء مؤتمر الحوار الوطني في صياغة الدستور الممثل لكل مكونات الشعب اليمني، وبما يلبي حاجة الشعب للتطور، وكل ذلك مرتبط بمتطلبات الواقع، فوجب الانطلاق من فقه تجديدي سديد للواقع في أي محاولة للتجديد الصحيح.