من الغريب أن يتهم المشروع الحضاري العلماني المشروع الحضاري الإسلامي بالظلامية، مع أن هذا الأخير يرفع شعار التنوير مقابل نكوص القيم الأخلاقية في المشروع الحضاري العلماني أو ظلامية هذه القيم.
لم يثبت عن الإسلام اعتراضه على تطور الحياة البشرية مادياً أو تكنولوجياً، بل يعتبر هذا التطور هو المتغير في معادلته الذي يقابله الثابت على مستوى القيم أو على المستوى المعنوي.
ولا يصح أن يتهم صاحب مشروع حضاري إسلامي بالنكوص الحضاري في شقه المادي التكنولوجي, إلا إذا ثبت أنه يرفض التطور المادي والتكنولوجي، وينكص إلى المستويات المادية والتكنولوجية لعصور غابرة.
الحضارة بالمفهوم العلماني- حسب الكاتب العربي محمد شركي- تختزل في الشق المادي والتكنولوجي، في حين يكون الشق المعنوي فيها تبعا للشق المادي، وهذا تصور متهافت وسوقي.. فالشق المادي والتكنولوجي لا خلاف حوله بين المشروع الحضاري الإسلامي والمشاريع الحضارية الأخرى, بما فيها المشروع الحضاري العلماني الذي يرى نفسه صاحب الحق الوحيد كمشروع حضاري تقابله مشاريع حضارية أخرى من ضمنها المشروع الحضاري الإسلامي .
في المشروع الحضاري الإسلامي نجد أن شقه المعنوي أو القيمي ثابت, بينما شقه المادي متغير، ولا يؤثر الشق المتغير في الشق الثابت عكس ما يذهب إليه المشروع الحضاري العلماني الذي يسقط مفهوم الحداثة على كل شيء، ويعامل المادي المتغير معاملة المعنوي الثابت, وبالتالي إذا صح التحديث بالنسبة لما هو مادي، فإنه لا يصح بالنسبة لما هو قيمي و أخلاقي.
إيمان سهيل
المشروع العلماني ونكوص القيم 1346