كادت دموع مديرة ثانوية عدن تغرق المكان وكادت حسرتها تحرق المدينة بأسرها حين تذكرته، "خالد" ذاك التلميذ النجيب المتفوق، الهادي, المتطلع للمستقبل بشغف, كان ينوي استكمال دراسته في ألمانيا ولكن موكب فرح الشيخ، وَأدَ الحلم.
أمس شيع جثمان/ خالد الخطيب الطاهر, ولن تشيع معه الجريمة، ودماء (حسن وخالد) ستظل تصرخ بأي ذنب قُتلنا، وأي قانون سيقتص لنا, وستردد صرختهم جنبات البلاد، لا حياة إلا بدولة نظام وقانون، لا حياة إلا بدولة مدنية.
في شارع الخمسين كان الموكب قد انتهى للتو من مجزرته وانطلق يسابق الريح مخلفاً وراءه أرواحاً بريئة وطاهرة قد أزهقت، وبقايا من مشهد مُوحش، ودويلة نظام وقانون لا حول لها ولا قوة, وشارع يصرخ بحزن: لقد فعلها موكب الشيخ لقد فعلتها القبيلة.
ما كان لهم أن يقوموا بذلك إن لم يكونوا على دراية أن دولتهم هي القبيلة ورئيسهم هو الشيخ، ودماء الغير ممكن مقايضتها بدماء ثور يذبح على مقاصل التحكيم.
لا زلت أتذكر أحد المشايخ ذات مرة عندما سئل حول استعداده لترك هذه الحراسة المدججة بالأسلحة والسيارات طالما يدعي بأنه مع قيام دولة مدنية، أجاب عندما أجد الدولة التي توفر لي الأمن سأتخلى عن ذلك!!
لا أعرف أي أمن يريده أكثر من أمن أي مواطن، وما هو الأمن الذي يريده وهو يمسح به ليلًا نهارا من مستنقع جاهليته، ويسحقه تحت عجلات موكبه وشخيط ونخيط مرافقيه.
حقيقة أتعجب على هيبة الدولة وأنا أرى موكب شيخ قبيلة يمر بسرعة البرق يجر وراءه أرتال من السيارات بأرقام عسكرية و بلا أرقام، بل ثكنات عسكرية متنقلة مثخنة بالجهل ومتخمة بالقتل، مدججين بالقنابل والأسلحة والجنابي والقات، لا يجيدون سوى الدمار والعنف، رواتبهم من خزينة الدولة، وولائهم لشيخ القبيلة.
حقيقة ستكون دماء (حسن وخالد) اختبار حقيقي أمام هذه الدويلة فأما تثبت لنا بأنها ممكن أن تكون دولة، أو تظل كما كانت دويلة كرتونية ومزرعة لتسمين المشايخ وأرض (لبرع) القبيلة.
حينها ستثبت لنا وللمرة الألف إن لا أمل في الأفق، ولا رجاء في ميت، ولتترك الناس يرتبون حياتهم بعيد عن القبيلة ودويلة المشايخ، وسنردد نحن بكل أسى (لطفي) ما أثقل حزنك وما أحزن مزهرك، والظلم مرتعه وخيم.
فؤاد عبد القوي مرشد
حسن وخالد: لقد فعلها الشيخ لقد فعلتها الدويلة 1310