كأننا لم نزل تحت قبضة تلك اليد التي حطمها الشعب بصدره العاري, وثورته السلمية, ودماء الشهداء الزكية, وأرواحهم الطاهرة.. ما دام أبطال الثورة وأحرارها ما زالوا خلف جدران المعتقلات, في سجون القهر والاستبداد.. وكل القتلة واللصوص والفاسدين وقطاع الطرق والمخربين, مازالوا طلقاء يعيثون في الوطن الفساد, بل إن لهم فوق ذلك حصانة, وما زال البعض منهم, بل الأكثر, على سدنة الحاكم, ورأس النظام..
وكأن الرئيس هادي, وحكومة الوفاق, التي نصفها يتبع الرئيس السابق, والنصف الآخر منها منهم من انقلب على عقبيه والتحق في صف صالح, ومنهم من أصبح مراوغاً وموالياً, ومنهم من يتحمل الثقيل, والحوار وأعضاء الحوار, والمبادرة, ورعاتها, والأحزاب, والمجتمع الدولي, وبن عمر, والأمم المتحدة, والناشطون والناشطات, وكل منظمات المجتمع المدني, كأنهم جميعاً أصبحوا عاجزين عن الإفراج عن الثوار المعتقلين الذين لا ذنب لهم إلا أنهم أحرار خرجوا من أجل حرية الشعب وكرامته..
وكأن الرئيس هادي لم يدرك بعد أنه رئيس للجمهورية, وليس نائباً للزعيم, وكأنه لا يعلم أنه قد مضى الزمن الكثير من فترة رئاسته المحددة, وأن هؤلاء الثوار الأحرار الذين كانوا سبب صعوده الرئاسة مازالوا معتقلين ومن بدية الثورة.
أدري أن لكل مرحلة سياستها الخاصة, وأن كل ما يحدث هنا وهناك هو ما يحدث بعد كل ثورة, إلا أن قضية الثوار المعتقلين, وسبب اعتقالهم, وطول فترة الاعتقال, السكوت طول هذه الفترة, والمعاناة التي يعيشونها, وعدم التفاعل الجاد والحقيقي مع قضيتهم, ووووو, يثير الكثير من التساؤلات, ويبعث الكثير من التوقعات والتصورات عند الكثير من أحرار هذا الوطن, بل إن المتتبع لخيوط هذه القضية, والمتأمل في كل ما يجري على الواقع يدرك التشابه الواضح في القول والفعل والعمل بين بعض المكونات التي شاركت في الثورة, والمكونات البلطجية, ويعرف سر تلك الشبكة التي تتخذ من القضايا الثورية ما تراه مناسباً, وتحوله ضد الثورة وأهدافها, ويعرف كيف تتعامل بالإهمال والإغفال مع كل قضايا الثورة الحقيقية, والتي منها هذه القضة وهي الأهم, ويرى كيف تتفاعل مع كل القضايا والأحداث التي تقف ضد الثورة وتؤدي إلى تمزيق الوطن..
لذا فإن قضية الثوار المعتقلين هي قضية الثورة وكل الثوار الأحرار, فان اعتقال الثوار يدل على اعتقال الثورة, وبقاء الثوار في المعتقل يدل على أن الثورة معتقلة.. وهذا هو ما يجعل الكثير يحس بأننا لم نزل تحت قبضة تلك اليد التي يجب علينا التخلص منها ومن أذنابها وأذيالها إلى الأبد.
معاذ الجحافي
الثورة.. والمعتقلون 1185