نظرً لأهمية التنمية، والسعي الحثيث لتحقيقها في واقع المجتمعات الإنسانيّة، ولاسيما المتخلفة منها، فإنّ «مفهوم التنمية أصبح عنواناً للكثير من السياسات والخطط والأعمال، على مختلف الأصعدة، كما أصبح هذا المصطلح مثقلاً بالكثير من المعاني والتعميمات، وإنْ كان يقتصر في غالب الأحيان على الجانب الاقتصادي، ويرتبط إلى حدّ بعيد بالعمل على زيادة الإنتاج الذي يؤدي بدوره إلى زيادة الاستهلاك، لدرجة أصبحت معها حضارات الأمم تقاس بمستوى دخل الفرد، ونحن في هذا الوطن لا نجد كلمة التنمية تتحقق إلا في الأذهان، ولا نجدها حقيقة بل هي أوهام ،فالأوضاع من سيء الى اسوأ وفي تردي مستمر!! فانتشار البطالة والفقر الذي أصاب جميع الفئات الاجتماعية، فالمشاريع التنموية ليس لها وجود الا في خطابات المسؤولين اوفي وسائل الاعلام التي تروج لها دون ان يكون لها وجود على ارض الواقع .
لقد انعكست المفاهيم وأصبحت مفاهيم التنمية تعني للبعض الكسب الغير مشروع فالمحسوبية والرشوة والفساد ينهش ويعطل مشاريعنا التنموية حتى اصبح التخطيط لأي مشروع تنموي يسبقه تخطيط (كم حصتي) من هذا المشروع ؟ وما هي المكاسب التي سأحققها من خلال ذلك المشروع ؟...
هل هناك مشاريع تنمية حقيقية أم اننا نكتفي في النمو الطبيعي؟ ان الناظر الى المشاريع التنموية يرى انه لا يوجد تنمية حقيقية وان الحكومة واستراتيجياتها تعتمد على النمو الطبيعي للأمور ولا يوجد مشاريع تنموية حقيقية يشعر المواطن بأهميتها او يلمس اثرها في حياته ، وإن وجدت بعض المشاريع فلا تعدو مشاريع لسد الرمق .
فاليمن بلد يفتقر إلى برامج التنمية المختلفة لذلك فهو بحاجة ماسة إلى برامج تنمية شاملة في جميع الجوانب الاجتماعية و السياسية والاقتصادية ، التي تعمل على تحسين المستوى الاقتصادي، ورفع مستوى المعيشة ، وزيادة الدخل القومي وتقليل التفاوت في الدخول والثروات، وتضييق الفجوة بين الفقراء والأغنياء حيث هناك فجوة كبيرة في توزيع الدخول والثروات حيث تستحوذ فئه قليله من أفراد المجتمع على الجزء الاكبر من ثرواته ودخلة القومي ، بينما يحصل باقي المواطنين على نصيب متواضع من الدخل القومي ، فإذا أردنا تنمية حقيقية يجب علينا القضاء على الفساد والمحسوبية وعلينا نشر وتحقيق العدالة الاجتماعية ، إذ نرى أن عدد من أصحاب المناصب الحكومية الكبرى هم سبب في تعطيل المشاريع التنموية ،الذين يهدرون المال العام وبعضهم لديه ملفات في قضايا الفساد ينهبون المال العــــام لتحقيق مصــالح ومنافع وامتيازات خاصــة على حساب المصلحة العامة ،حيث أن تمتعهم بالحصانة السياسية ضد توجية الاتهامات لهم أو التحقيق معهم يجعلهم في مأمن عن المسائلة القانونية لما يرتكبونه من قضايا فساد وتهريب الأموال للخارج وإقامة مشروعات عقيمة، ويعد الفساد من أهم العوامل الرئيسية في إعاقة عمليات التنمية وعرقلة عمليات الإصلاح والتقدم في الدولة واستمرارها في دائرة الفقر والتخلف .
ان ما نعيشه هو وهم اسمه التنمية ووهم اسمه التطور، فإذا أردنا التنمية الحقيقية فعلينا محاربة الفساد بأنواعه لأنه يهدد مسيرة ومستقبل عمليات التنمية في الدولة بما يترتب على الفساد من انخفاض الاستثمار وسوء توجيهه وبالتالي إعاقة بناء قاعدة إنتاجية سليمة وعدم تحقيق العدالة الاجتماعية لسوء توزيع الدخول والثروات المصاحب لعملية النمو الاقتصادي وزيادة عجز الموازنة العامة للدولة نتيجة لزيادة الفجوة بين الإيرادات العامة والنفقات العامة وغيرها من الآثار المترتبة على الفساد كلها تؤدي إلى إعاقة عملية التنمية، ومن أجل تحقيق التنمية لابد من إرادة شعبية واعية ، وتوفير المناخ السياسي المستقر، وتوفير رؤوس الأموال اللازمة، وإعداد القوى البشرية اللازمة ،وتوظيف التقدم العلمي والتكنولوجي في خدمة التنمية، وتوحيد الجهود لكشف أهل الفساد، ومحاربتهم ولن يتحقق هذا إلا اذا تم تقديم جميع من لهم قضايا فساد وهم كثر الى المحاكمة العادلة ، عندها ربما يمكن التحدث عن التنمية والتطور قولاً وفعلا .
رائد محمد سيف
التنمية في ظل الفساد 1407