كلفوت اليمني ليس عالماً ولا مخترعاً ولا مبدعاً, بل هو رجلٌ مرتزق أُشتهر في اليمن في تخريب الكهرباء وفي إظلام حياة الناس وإقلاق سعادتهم، وتتتالى الكلافيت من بعده في التخريب, حيث لم يبق مجال التخريب للكهرباء حكراً على ذلك الكلفوت, بل سار على دربه السيء آخرون من المرتزقة هنا وهناك, كان ضعف أداء الجهات الأمنية والدولة بشكل عام قد شجع على ظهور وشهرة مخربي الكهرباء ولو وُجد الحزمُ وبسطت هيبة الدولة، وتم معاقبة الجناة وإقامة شرع الله فيهم لن نسمع أبداً بكلفوت واحد!!.. هناك من يسير على درب كلفوت في إظلام حياة اليمنيين وفي زيادة معاناتهم، واستمرار عذاباتهم، جراء انقطاع الكهرباء وخاصة في المحافظات الساحلية الحارة وإن كانوا يقومون بذلك بأساليب ربما تختلف عن أسلوب كلفوت ومن معه من المخربين المأجورين، وربما بنيات تختلف عن نية المعتدين.. لنقل أن التخريب للكهرباء عمل مضرٌ ينتج عنه معاناة المواطن وخسارة البلاد، ونقول أيضاً أن تقصير المسؤولين في القيام بواجباتهم موقف مضر يعمق معاناة الناس، ويتمثل ذلك التقصير في عدم صد المخربين ومن يقف وراءهم, إذ لم يعُد مجدياً معهم أي تهديدات أو تصريحات رسمية نارية للتخويف أو الإعلان عن حملة تستأصل شأفتهم أو نشر أسماء المخربين في وسائل الإعلام الرسمية، كل هذا صار شيئاً مضحكاً وغير مصدق حتى عند المخربين أنفسهم..
إننا نتساءل: لماذا لم نسمع أن كلفوتا واحداً تم القبض عليه ومحاكمته علناً أمام الشعب؟, لماذا لم تُنفذ تلك الوعود الرسمية بشأن عقاب مخربي الكهرباء؟.. لكننا نؤكد هنا أنه لن يكون بريئاً من ذلك التقصير لا رئيس الجمهورية ولا الحكومة وعلى الخصوص وزير الكهرباء, كما أننا لن نبرئ من ذلك التقصير الجيش والجهات الأمنية وقيادات السلطات المحلية في المحافظات التي يتم فيها التخريب!!.. هناك طرف آخر مشارك في تعميق المعاناة للناس يتمثل في بعض المواطنين الذين يتحملون جزءاً من صنع معاناة الناس في الكهرباء, من حيث أن البعض من هؤلاء لم يسدد فواتير الكهرباء الخاصة به منذ سنوات ومثل هؤلاء كثيرون وقد سمعت بعضهم يتحدث عن هذا مفتخراً بأنه يتحدى الحكومة بعدم تسديد فواتير الكهرباء وأنه ليس باستطاعة أياً كان إجباره على التسديد!!.. بل صار من يدفع فواتير الكهرباء في بعض المحافظات يُصنف بأنه مسكين وضعيف.. هناك من المواطنين من يوصل التيار الكهربائي إلى منزله دون علم إدارات الكهرباء، وهناك من يستخدم المكيفات وغيرها ويستهلك الكثير من الكهرباء بطرق تحايلية وخارج نطاق العداد’ ثم لما تنطفئ الكهرباء يخرج للشارع كوطني ثائر يسب ويلعن ويشتم الحكومة ووزير الكهرباء وطارف طارف..
المهم أن الكلافيت تسيدوا واقعنا اليوم وأقلقوا حياتنا، في ظل ضعف رسمي وعنتريات زائفة لم نر منها شيئاً يتحقق فعلاً في أرض الواقع, لافي صد المعتدين ولا في تحصيل المديونية الكبيرة على الكهرباء لدى المؤسسات والأفراد, ولافي إصلاح وتجديد منظومة الكهرباء في البلاد وتقويتها.. لكن ربما أن الجهات الرسمية تلك تجسد بعنترياتها المضحكة ضد المعتدين على خطوط الكهرباء قول الشاعر:
زعم الفرزدقُ أن سيقتل مربعا.. أبشر بطول سلامة يا مربع
إن استمرار هذا الوضع قد يقود البلاد إلى ثورة شعبية جديدة وفريدة من نوعها وفي أهدافها، ثورةٌ تطالب بخدمات الماء والكهرباء والأمن وحماية الممتلكات والطرق وإعادة الحقوق وغيرها، فلا يطمئن المسؤولون وهم في كراسيهم المتحركة بأنهم جاءوا كنتاج ثورة سلمية اليوم، وأنهم محميون بحماية الثورة ذلك, لأنه قد طفح الكيل بالناس وأن نار الغضب ما تزال تتأجج كل يوم في صدورهم جراء استمرار معاناتهم وتدهور أوضاعهم المعيشية ، وعدم ملامستهم للتغيير الحقيقي في واقع حياتهم، ذلك التغيير الذي هفت له نفوسهم، وتطلعت له قلوبهم، وضحى الشعب من أجله كثيراً!.
*ومضة:
إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ
لأننا ندخُلها
بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابة
بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ
لأننا ندخلها..
بمنطقِ الطبلةِ والربابة.
* نزار قباني
غالب السميعي
كلافيت الكهرباء.. والعنتريات الرسمية!! 1733