ما نسمعه اليوم من ضجيج لبعض القوى المتخوفة من أخونة الدولة يتضح لنا أن لديهم مشاريع يريدون تنفيذها خلف هذه المخاوف وهي مشاريع ضيقة ولا تريد لبلدنا الأمن والتعايش فيما بينه وتبذل هذه القوى جهوداً جبارة من أجل افتعال وبث الشائعات الملفقة ومن هذه المشاريع إيصال حلفاءها إلى كل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية.
من خلال مطالعتي لبعض الصحف الأهلية قرأت مقالاً لأحد الصحفيين بعنوان:( صح النوم يا زعيم الإخوان قادمون) الغريب في هذا المقال انه لشخصية تنتمي إلى حركة مناوئة لنظام الزعيم حسب زعمه وكانت تناصبه العداء طوال حكمه, مما يجعلني أتساءل: كيف صارت اليوم حليفاً له, فما الذي جمع بينهما هل هو مصلحة الوطن أم جره إلى الهاوية؟.. ولعل الاحتمال الأخير أقرب إلى الصواب, لان الذي جمع المتناقضين هو نشر الفوضى الخلاقة التي طالما تغنت بها قيادتهم من خلال الخطابات التي يلقونها أمام أنصارهم في الاحتفالات التي يقيمونها بمناسبة وبدون مناسبة.
الذي يجعلنا نكثر من التساؤل هو: لماذا هذا التخوف من قدوم الإخوان أو حكمهم مادام هناك قانون هو الذي سيحكم الجميع ولا نحتاج إلا لمن يطبقه؟ أم أننا مازلنا غير مؤمنين بالديمقراطية وحق الأغلبية في الحكم؟ وهل الإخوان من خارج اليمن؟ وهل جاءوا بفكر يحرف فكرنا المستمد من كتاب الله وسنة نبيه والمتعارف عليه منذ الأزل؟, هل, هل.. الخ؟.. كثير من التساؤلات حول هذا الموضوع تجعلنا في موضع استغراب ممن يمارس التشويه بالآخرين ويرى أنه ليس غيره القادر على حكم هذا الوطن.
ولعل الاستنتاج الصحيح لما يمارسه هؤلاء هو أن هناك تحالفات جديدة من منطق أن (أعداء الأمس أحباب اليوم), الذي جعلني استغرب كيف رضي النظام السابق بهذا المنحنى الخطير الذي يكشف للشعب مدى زيف وطنيته التي طالما تغنى بها أمام الشعب خلال حكمه, أم أنها كانت محض افتراء؟, أم انه يراهن على تحالفه مع الحوثي والحراك أن يحقق ما قاله ويكون صادقاً بما وعد به سابقاً انه إذا ترك السلطة سوف تتقسم البلاد؟.
فزاعة أخونة الدولة ليست بالشيء الجديد أو الغريب علينا فلطالما سمعنا ذلك من الأنظمة المتساقطة في الربيع العربي كلها والتي أطاحت بها شعوبها بسبب تخليها عن مسئوليتها التي من شأنها تأمين العيش الكريم والأمن, ولأن تلك الأنظمة فشلت في إجهاض الثورات التي خرجت عليها ولم تستطع تمنعها من تحقيق هدفها الأبرز وهو الإطاحة بهذه الأنظمة المستبدة..
فها نحن اليوم نشاهد هذه الأنظمة عادت إلى الشارع تناور عبر إعلامها المضلل وتحالفاتها مع من ليس لديهم مشاريع لخدمة الوطن ككل وذلك من خلال الترويج للشائعات التي تفتقر إلى الحقيقة والتي تهدف من خلالها مغالطة الشعوب, مستغلة عدم وعي المواطن البسيط الذي يفتقر إلى المعلومات الصحيحة التي تحصنه من الانجرار وراء هذه المزاعم وتجعله يفرق بين الغث والسمين.
ومما لاشك فيه أن الهدف من وراء ذلك هو خلق البلبلة وتشويه الحقيقة والانتقاص من وطنية الآخرين وإيجاد الفرقة بين المكونات الثورية حتى يتسنى لهم في الأخير الانقضاض على الثورة والعودة إلى السلطة التي يعتبرونها ملكاً شخصياً.
إن ما يريدونه هو عرقلة مسيرة التغيير المنشود وعرقلة عملية التنمية, غير مدركين بأن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء وأن الشعوب خرجت مطالبة بالتصحيح وبناء مستقبل الأجيال القادمة.
وبما أن تزويرهم للحقائق لم يجد منذ البداية, حيث قاموا بإطلاق الشائعات تلو الأخرى, منها سرقة الثورة والأخرى الالتفاف على الثورة والآن أخونة الدولة, كلها شائعات مزيفة تريد أن توجد تنافراً بين مكونات الثورة حتى لا يتم تطبيق أهداف الثورة المتبقية والتي ستحقق في ظلها العدالة والمساواة والتنمية المستدامة والأمن والعيش الكريم وإنعاش الاقتصاد وبناء الدولة المدنية الحديثة.
الدولة المدنية الحديثة إن تحققت, وبإذن الله إنها سوف تتحقق, لا يوجد تخوف على من سيحكم, لأنه لا يمكن أن تكون جماعة أو شخص أو عائلة منفردة بالحكم وإنما الشعب هو الذي سيحكم نفسه بنفسه من خلال القانون الذي ينصاع إليه الجميع دون تمييز.. الجميع تحت سيادة القانون هذه هي الدولة التي نحلم بها وخرجنا من أجلها بعيداً عن الشائعات التي تطلق هنا وهناك بقصد زرع التفرقة.
في الأخير أتمنى لشعبنا اليمني خاصة والشعوب العربية عامة أن تتحقق كل آمالها وطموحاتها في العيش الكريم والعدالة المتساوية وأن تستعيد هذه الشعوب عراقتها وحضارتها التي طالما افتقدتها خلال حكم الأنظمة الساقطة.
صالح عبدالله المسوري
المخاوف من أخونة الدولة ستاراً لمشاريع أخرى 1484