تبدأ أي أمة بالانحدار إلى الدرك الأسفل من اللاسلم إن فقدت إنسانيتها وطغت قوانين القبح على مبادئ السلام. ودخلت كهفاً عميقاً من التيه وعدم التصالح مع الذات ومد الآخرين وبالتالي تختل الموازين وتتخلخل العلاقات المجتمعية ونصبح غير قادرين على زحزحة واقعنا الضحل.
المجتمع بكل أطيافه مر بمرحلة تكاد تكون الأخطر عبر تاريخه البشري, مرحلة ألقت بظلالها على الجميع وتأثر بها الجميع وانعكست كل أخطاء السياسة وقبحها والساسة وأطماعهم على نفسيات الناس وتحولت إلى سلوكيات وتصرفات عشوائية مُدمِرة لم نعهدها من قبل في مجتمعنا اليمني المشهود له بالألفة وحُسن المعشر.. تصرفات يسودها العداء والبطش بالآخر وعدم تقبله وفرض رأي السلاح على العقل وسيادة مبادئ التكفير على التفكير وتخوين لآخرين وتنصيب (الأنا) كسياف وخصم وحكم في آن واحد وانعدم الأمن والأمان النفسي والمجتمعي أيضاً.
إنسانيتنا ذُبحت من الوريد إلى الوريد ونحن بأيدينا ذبحناها بمباركة من واقع سياسي دامي عدائي تشاركنا أخطاءه سلبياته وكانت النتيجة الطبيعية, أن تراجعت الأخلاق والقيم والمبادئ وتزايدت الحماقات وطغى القبح وانتشر النهب والسطو والتقطعات والتخريب وانتُهكت كل القوانين واختلط الحابل بالنابل.. حتى على مستوى التعاملات الفردية, صرنا أكثر توحشاً وما عدنا نحتمل من بعضنا البعض حرفاً واحداً, فنغضب ونزمجر ونحد سيوف كلماتنا وشرر عباراتنا لنطلقها كسهام قاتلة أشد من أفاعي سامة وقد ينتهي شجار عادي بقتيل أو اثنين.. أما في الجانب العملي وفي أعمالنا فحدث ولا حرج عن ضياع إنسانيتنا وتسيد التعصب السياسي وإهدار قضايا الناس وأرواحهم واستهلاك الوقت في الملاسنات والقطيعة والعداء والتنافر..
انتهكنا إنسانيتنا بمحض إرادتنا وسمحنا لقبح النفوس أن يتسيد علينا وأن يكون القتل أسرع حل يتبادر لنا إن اختلفنا مع الآخر.
انتهكنا إنسانيتنا حين وظفنا التوحش كمتحدث رسمي عنا حينما نريد أن نفرض ما نحن مقتنعون به رغماً عن المحيطين بحد البنادق.
نحن ذبحنا إنسانيتنا حين صوبنا فوهات البنادق تجاه بعضنا البعض وأرقنا دماءنا حتى على أسباب رخيصة لا تصل أن نضحي من أجلها بنفس حرمها القوي المتين من سابع سماء.
نحرنا إنسانيتنا حين سلّمنا رقابنا لأصنام سميناها بأنفسنا وطفنا حولها طواف الولاء والسمع والشراسة وتناسينا أننا قوم ود وسلام وخير أمة.
قتلنا إنسانيتنا حينما نصرنا واقتنعنا بإعلام يؤجج يجّيش يعادي بيننا وينشر الكراهية والتباعد والتشظي.. هكذا ذبحنا إنسانيتنا وأهلنا عليها تراب القباحة واللا أمان ,, لكنا نريد أن نعود لها ونتصالح مع ذواتنا ومع محيطنا ومع وطننا بالدرجة الأولى لنخرج من قمقم الشراسة واللا إنسانية..
*فأنقذوا إنسانيتكم يرحمكم الله ولا تدعوها كذبيحة مقلقة تقطر دماً وموتاً.. حينها سننجـــــو..
سمية الفقيه
لنستعيد إنسانيتنا الذبيحة.. 1538