إذا سألتني عن عدالة وحرية ثورة فبراير التي من خلالها سيتم صياغة أهم أهدافها الحرية والعدالة في توزيع السلطة والثروة الوطنية ومدى قدرتها على تحقيق هذه الأهداف.. سأقول لك بكل بساطة: انظر إلى القائد الثوري فيها, فعلى قدر إيمانه بمبادئ الحرية والعدالة وتمتعه بها على قدر نجاحه في تحقيقها أو فشله في ذلك..
وإذا حاولنا تقييم المسار الثوري خلال الفترة الماضية لثورة فبراير اليمنية وبأسلوب قانوني علمي وفق مفهوم هذه المبادئ في الفقه القانوني وإعلانات ووثائق حقوق الإنسان الدولية, علينا أن ننظر إلى القائمين على هذا الفعل الثوري ونتأمل مدى استقلالهم عن القوى السياسية والاجتماعية التقليدية في المجتمع اليمني وتحررهم عن أفكار هذه القوى المتخلفة والرجعية.
إن استقلال وتحرر العقلية الثورية عاملان أساسيان للتقييم, من خلالهما نستطيع الوصول إلى نتيجة مؤداها مدى نجاح المسار الثوري لثورة فبراير اليمنية في تحقيق الحرية والعدالة والاقتراب أو الابتعاد عن المفاهيم المحددة لهذه المبادئ في مواثيق وإعلانات الأمم المتحدة والشريعة الإسلامية..
كما أن استقلالية رأي القائد الثوري وعدم تبعيته وتحرر عقليته بالشكل الذي يجعلها بالمرونة التي تسمح بفهم وتطبيق مفاهيم قانونية متطورة لهذه المبادئ تناسب عصرنا المعاصر ومتطلباته, من شأن ذلك أن يحد من استغلال القوى الدولية للفعل الثوري, كما أن من شأن ذلك أن يخلق للقائد الثوري مكانة اجتماعية وسياسية عالمية متحضرة, تنعكس تدرجياً على الشعب الذي يسعى إلى تحرره من العبودية والاستبداد.
وعلى العكس من ذلك فإن عدم تميز القائد الثوري بهذه المميزات من شأن ذلك أن تعطي هذه القوى الدولية المسيطرة على رسم خطوط السياسة العامة في المنطقة فرصة تاريخية للتدخل بهدف استغلال الثروات العربية وقد بدا ذلك واضحاً للمتأمل من خلال تراجع التصريحات الدولية والأمريكية, ففي الآونة الأخيرة يمكننا أن نتنبأ بوجود مخطط لاستعمار حديث لليمن نتيجة تراجع المسار الثوري عن النجاح في تحقيق أهدافه الثورية وتخلي القائد الثوري عن القيادة الثورية لآخرين أفقدوه أهم مميزاته سالفة الذكر.
ولتوضيح الفكرة بشكل دقيق نقول: إن الحوار الوطني اليوم لم يعد الهدف منه الوصول إلى حلول للقضايا الوطنية بقدر البحث عن ممثل للإرادة الأمريكية في قيادة اليمن سياسياً وتحقيق مطامع الاستعمار الحديث اقتصادياً, كما أن فرض الإرادة الأمريكية لرئيس وزراء بعينه أو التمديد لرئيس الجمهورية تحت مسمى التوافق أو الحوار أمر لا علاقة له بالعمل الثوري, بل على العكس من ذلك يتعارض معه ومع مساره الذي هو أساس الحوار الوطني ولولاه لما وصلنا إلى هذه المرحلة.. ويجعلنا بذلك أمام حالة استعمارية بدلاً من الحالة الثورية التي سادت اليمن منذ بداية العام 2011.
د. ضياء العبسي
تقييم قانوني لمسار ثورة فبراير اليمنية 1685