إن مواقف بعض الناس أمام ثقافة الأخطاء أو ما يحدث من هزائم أو فشل أو توقع ذهاب وجاهته وزعامته مع وجود اعتقاد أنه الأفضل وهو المستحق للزعامة أياً كانت معنوية أو مادية، إننا هنا نجد أن التصرف عند هؤلاء غالباً عند الأخطاء التوجه إلى لوم الآخر الذي باعتقادهم أنه هو المتسبب في الفشل أو الهزيمة المزعومة، حتى أن البعض يلوم الزمن والحظ، وكأن الحياة تسير بالصدفة والعادات والتقاليد، ولا يتوجه هذا الصنف إلى الذات لإعمال آلية النقد الذاتي والمراجعات ورفع شعار رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، لنقف عند الذي يوجه اللوم ويرمي تقصيره وأخطاءه على الآخرين ويفترض أنه فاهم وواعي، وأن غيره جاهل ومقلد..
إن هذا الصنف لا يفضي ولا يصل إلى حل المشكلة، وكذلك لا يبقيها في مستواها السابق, حيث كانت الأحداث دوما في حالة طبيعية (ديناميكية) (حركية), وليست حالة جامدة، لنتأمل جدلية النقد الذاتي والديناميكية النفسية في العلاقات الإنسانية..
إننا نجد انه عند تورط أي انسان في مشكلة ما، فإن موقف الإنسان يأخذ أحد اتجاهين: إما مراجعة الذات ونقدها الصارم، وإما لوم الطرف الآخر المتسبب في المشكلة، وممارسة لوم الآخر، وتبرئة الذات، إن خطورة تبرئة الذات أنها تعدى النفس بمرض فيروس الكراهية، ومع الوقت تتكيف النفس مع فيروس الكراهية وتصبح الكراهية للناس المخطئ والمتسببين عبادة وولاء لله ، وتتطور إلى حقد مدمر أعمى يشبه مرض النزلة البردية البسيطة الذي يزول في بضعة أيام وقد يتحول إلى التهاب جيوب مزمن كما يقول الأطباء..
ومع وجود الحقد العبادي تتوقف أية إمكانية للحوار وللرؤية الواضحة أو الحوار النسبي ومحاولة الإصلاح والتكامل والتعاون كل بما عنده وبما يحسنه ويفهمه، وهذا الوضع النفسي هو في الواقع هو الأرضية المهيأة للعنف وللصراع، ولتقبل ثقافة العنف المعنوي والمادي، فمع الحقد الأعمى المدمر ووجود روح الانتقام باسم الدين والضارية والمتحمسة تكون الحرب المعنوية العنيفة الخفية والظاهرة والاستعداد لكل ما تنتظره من فرص أينما كانت لاندلاع الحرب العنيفة الأهلية لأن الأرضية الممتازة، والمستنقع المناسب جاهز، ونلاحظ هنا أن المضي في هذا الاتجاه مع الوقت يعطي صلابة في الموقف لدى هذا الصنف من الناس كما كان الخوارج، وهؤلاء يجدون صعوبة بالغة في التراجع، ولهذا هذا الصنف من الناس يعاني المجتمع منهم تشددا على جزئيات ووهميات كأنها شعار لإعلان التواجد..
محمد سيف عبدالله العدينى
تبرئة الذات ولوم الآخر فيروس يصيب النفس بمرض الكراهية 1521