المشيخة, الهنجمة, غطرسة مرافقي المشائخ والمسئولين, العنجهية التكبر والغي العظيم.. مفردات قاتلة وهادمة لا نجدها في أي بلد في الدنيا إلا في اليمن, بلد العجائب والغرائب البشرية.. مفردات فتاكة صنعت لنا تاريخاً من الفشل والانتكاسات والانكسارات والسقوط المروع في العجز, وجرت اليمن للوراء وجعلته يجر بعده خيبات كثر وصار يعيش أزمنة التخلف والركود والعقول المتحنطة عند مبدأ (كيف يدخل البندق عرض) وما تحرك من عند هذا المبدأ مسافة أنملة.. وبالتالي عشنا التخبط والعشوائية بكل صورها وانعكست في واقعنا كل المفاهيم والموازين وصرنا بلد خارج نطاق الحياة والتقدم والرقي وكل أمورنا معكوسة غير كل بلدان العالم..
لم يكن لدينا يوماً دولة بمعنى الكلمة يلتزم أبناؤها بالنظام والدساتير والقانون والعدالة وإنسانية الإنسان اليمني, بل اعتمدنا وعلى مدار عقود على الصيت والحسب والنسب وقاعدة خبط الصدور وان لكل وجه كرامة في تسيير كل أمورنا سواء الاجتماعية والعملية والسياسية وابتعدنا عن مبادئ مهما كالإبداع والأولوية والكوادر والمؤهلات والعقول المتعلمة أُقصيت عن عمد.. وبالتالي كانت النتيجة الحتمية التسيب والفشل وطغيان الجهل والعقول المتخلفة وعدم الإحساس بالمسؤولية تجاه هذا الوطن الغالي, وبقى الرجل الغير مناسب في المكان الغير مناسب وسرنا بمبادئ كالهوشلية والصنمية والشللية وأصبح مال الدولة (سايب) وعلّم كل من هب ودب السرقة والبطش والنهب وخرجنا عن نطاق الدولة الحقيقية والبلد المتحضر وتأخرنا آلاف السنوات الضوئية..
ففي الأساس لم يكن لدينا دولة حتى نقول أننا نريدها مدنية, علينا أولاً أن نؤسس دولة من أول وجديد بمعنى الكلمة وأن نصحح مساراتها ونبعد عنها وجوهاً جرتها للتخلف والركود والتسيب وما زالت تنخر فيها فشلاً وعجزاً ووبالاً حتى اللحظة.
ما يحصل في مأرب من همجية وهنجمة وعنجهية وارتزاق وتخريب ليس إلا نتاج عقليات ظلت تلتحف التعصب والغلاظة وشراسة الملامح وتلجيم العقول والفكر لعقود خلت ولم تجد لها رادعاً حتى اليوم, والسبب ليس إلا عدم وجود دولة تفرض هيبتها وقوتها وسيطرتها عليهم وعلى الكبير قبل الصغير مهما كانت النتائج.. ولا ندري أهو خوف أم رهبة من هؤلاء الحثالة أم مباركة لأعمالهم أم لعلة العجز والفشل الذريع في إدارة البلد والذي جثم على واقعنا وجعلنا آخر قائمة الأمم الراكدة والمرتكنة على عقول جائرة ظالمة مهنجمة متعصبة جعلت العالم ينظر إلينا وكأننا قوم لم نخرج من زمن الكهوف ولم نخطُ أو نتقدم منه حتى شبراً واحداً.
الحل ليس الدولة المدينة, إنما أن يكون لدينا دولة بمعنى الكلمة, أولاً تخلو من المشيخة وهنجمة عقول واقفة عن التفكير والفكر, ومن ثم نفكر بتحويلها وتأسيس دولة مدنية نصبو إليها وذلك حتى لا يكون شعارها هنجمة الدولة المدنية.. حينها حتماً سننجـــــــــــــو.
سمية الفقيه
هنجمة الدولة المدنية 1513