يا لها من ليلة كالحة ليس لها من سكون الليل شيء ولا من بهجة ذكرى الوحدة الثالثة والعشرين التي كانت في العامين الماضين حين أحيينا هذه المناسبة في خليج الحرية وكنت مشرفاً على مهرجانات إيقاد الشعلة وما صاحبها من عروض شبابية لائتلاف شباب النهضة والتغيير وضجيج المواطير بعثر كل أماني الليل الساكنات, فلا صوت يسمع سواها, لها الأرجاء مفتوحات, نقبل بهدير المواطير المزعج وريح عوادمها القاتل مقايضة بشيء من نور وفي لحظة تظاهر بالحياة انعدم الضوء خالص البنزين وحل الظلام والكسل في آنٍ واحد, انقطعت عن العالم من حولي بفعل الماطور اللعين الذي استنزف كل البنزين مع انه لم يمض من الليلة سوى ثلاثة ساعات, نام الأولاد وبقيت للظلام لم يبق لي سوى خدمة الصحوة موبايل التي أردفت بالرسالة تلو الأخرى باعثة بمقتطفات من كلمة رئيس الجمهورية, إلا أن إحدى العبارات التي نقلت من كلام الرئيس استفزتني كثيراً حين قال والعهدة على الصحوة (نقول لمن يتوهمون أن الأعمال الهمجية ستعرقل التسوية رهاناتكم خاسرة).. وهنا شعرت بالخيبة والخوف, لو أن الرئيس قال هذه العبارة وهو يعتقد بأن هذا حق, لأن ذلك منافياً للحقيقة والواقع.
إن رهانات الإفشال نجحت والدليل على ذلك أن غالبية سكان المحافظات لم يسمعوا كلمته هذه بسبب انقطاع الكهرباء والتي تعرضت لخمسة اعتداءات تخريبية أخرجت المحطة الغازية عن الخدمة ومنع المخربون الفرق الفنية من إصلاحاها, وفي الوقت الذي مازال آثار العرق لم يجف من على أجساد الفنيين الذين قاموا بإصلاحها يعتدى عليها من جديد.. ومع ذلك لم نسمع أن الأجهزة الأمنية والعسكرية القت القبض على من يقومون بهذه الجرائم المتكررة بأوقات متلاحقة.. بدون أن تقوم هذه الأجهزة بدورها المتمثل بحماية مقدرات الوطن وتوفير الأمن للمواطن والمؤسف أن العسكريين والأمنيين أصبحوا أهدافاً سهلة للمجرمين, كما أن من أدلة نجاح أصحاب رهانات التخريب والتدمير ما يحدث من نهب للعتاد العسكرية في اللواء الثالث مشاه في مأرب وتباع في الأسواق بدون أن نسمع تصرفاً يجب القيام به من قبل الرئيس والحكومة في هذه اللحظة, مع أن الجميع يعلم أن هذا المعسكر أعلن تمرده منذ أكثر من شهر.
قبل أيام ظهر الرئيس السابق من خلال وسائل الإعلام التي يملك, متحدياً ومعلناً فشل الحكومة والنظام القائم, متسائلاً: ماذا قدمتم خلال العامين من توليكم السلطة وما الذي أنجزتموه سوى الفشل؟.. وهذا دليل على أنهم نجحوا بتوريثكم الفشل وهم اليوم يسوقونكم من بوابته بعدما أسروكم خلف قضبانه.
والحقيقة أنكم ضيعتم وتضيعون الكثير من الفرص التي كانت سوف تحول دون نجاحهم في عرقلة التغيير وهم اليوم يجرون الوطن بأكمله إلى معارك جانبية استطاعوا من خلالها جعل الجميع في واقع ضبابي الخروج منه صعب.. وأصبح الناس جميعاً يتساءلون: ماذا عملتم بحق مخربي الكهرباء والنفط والمهربين وقطاع الطرق وتجار الموت والإرهاب الممنهج في صعدة ضد الأبرياء من رعاياكم وغيرها من الجرائم التي تعزز من موقف أعداء التغيير وتقلل من رصيدكم المهني؟!.
نشوان الحاج
من وحي اللحظة 1498