يبدو أن الصراع في سوريا دخل مرحلة ونفقاً مجهولاً يصعب التنبؤ بنهايته أو الخروج منه وبكلفة أقل ما يمكن أن نطلق عليها باهظة الثمن.. ولعل الخطورة مما يجري على المشهد السوري أن الحرب هناك غدت حرباً بالوكالة وفي كل الاتجاهات، وهناك من يساهم في زرع بذور تفرقة جديدة غير واضحة المعالم، وقد يدفع العرب الثمن لاحقاً وبأضعاف كثيرة سواء كدول وأنظمة أو كشعوب.. هذا بالطبع إن لم تتدحرج كرة اللهب وتلتهم مناطق شاسعة من أرض الشام والعراق ووصولاً إلى منطقة الخليج العربي، والذي رأينا خلال الأيام القليلة الماضية كم هي أعداد القطع العسكرية الأجنبية التي بدأت تتدفق صوب مياه الخليج العربي وبصورة شبيهة إلى حدٍ ما بما جرى قبيل حرب الخليج الثانية التي شنتها أمريكا ودول التحالف الدولي في يناير 1991م ضد العراق، حيث كان عدد الدول المشاركة في تلك الحرب بحدود 34 دولة أجنبية وعربية، أما اليوم فقد تجاوز العدد هذا الرقم ووصل عدد الدول المشاركة في المناورات الجارية في مياه الخليج العربي 41 دولة، والرقم مرشح للتصاعد.. ما نخشاه حقيقة أن تتحول المنطقة إلى مسرح للعمليات القتالية وفي اتجاهات عدة ولعدد من الأطراف الوافدة إلى المنطقة.. ولا يكون الخيار من أمرنا لاحقاً في إيقاف تمدد العمليات الحربية، وكما حدث من قبل بعد حرب تحرير الكويت حيث تحولت أسلحة الدمار الشامل العراقية التي لم يكن لها وجود في الأصل إلى شماعة للأمريكان لابتزاز الخليج وتدمير كل شيء في العراق بما في ذلك الإنسان العراقي..
ومن يتابع أعداد الأمراض السرطانية التي فتكت بأطفال ونساء ورجال العراق يدرك حقيقة ما نحذر منه، هذا فضلاً عن الانهيار الاقتصادي وفيما يتعلق بالبنى التحتية وحتى المجتمعية التي حلت بالعراق أرضاً وإنساناً.. إن الحشود الحربية والتقارير الاستخباراتية التي يتم تداولها وتناقلها شرقاً وغرباً القصد منها تحويل انظار العالم عن أسلحة تل ابيب التدميرية أولاً، ومن ثم إعطاء فسحة لطهران لإكمال مشروعها النووي وإعلان امتلاكها السلاح النووي وفقاً لنظرية تبادل المصالح.. وفي كل الأحوال وبحسب خبراء فإنها لن تتجاوز نهاية هذا العام 2013م، وعندها لن يكون أمامنا كعرب سوى التسليم بالأمر الواقع والخضوع لمطالب الحليفين الرئيسي لواشنطن طهران وتل ابيب، فالأولى تعود لها السيادة والريادة وكما كانت من قبل كشرطي الخليج، والثانية الاعتراف بها والجلوس معها على طاولة مفاوضات وبشروطها، فيتم توطين قرابة 7 ملايين فلسطيني في الشتات كل في موقعه أو عبر اتفاق جديد وكما بدأت حركة التناولات الإعلامية سواء في سيناء مصر والأردن أو في الصحراء الممتدة بين العراق وسوريا ووصولاً إلى لبنان بعد إنهاء مقومات الدولة السورية وكما هو حاصل الآن بضرب السوريين ببعضهم البعض حتى انهيار كل مقومات الدولة وتدمير أي قوة يمكنها أن تهدد إسرائيل مستقبلاً.. ويقبل بعدها الجميع بالأمر الواقع سواء الأشقاء في سوريا أو العراق حيث تعصف الطائفية والمذهبية بكليهما بعد أن سلمتها القوات الأمريكية لطهران كي تعبث بها وحولتها إلى "كنترونات" اثني عشرية تأتمر حسب أوامر المرجعيات الشيعية في قم، وهكذا يغدو الشرق الأوسط الكبير المقسم والمجزأ وإلى دويلات متناحرة طائفياً وأثنياً وعرقياً..
ونعتقد أن الصراع الدائر في المنطقة والذي تديره واشنطن وطهران وتل أبيب قد يفضي في النهاية إلى افتعال حرب أمريكية كورية يتم جر دول المنطقة إليها، وخصوصاً دول الخليج واليمن لتكون ساحة رئيسية لحرب إقليمية ودولية بعيداً عن الولايات المتحدة والمواطن الأمريكي من جهة.. ومن جهة ثانية لتدمير كل مقومات النهوض الحضاري والعسكري والمدني وحتى الاقتصادي للمنطقة العربية..
ومن جهة ثالثة وهو الأهم إشراك دول المنطقة, خصوصاً دول الخليج في تحمل أية خسائر قد تنجم عن هذه الحرب المتوقعة..
عبدالباسط الشميري
واشنطن بحشودها الكبيرة في الخليج هل تعيد تسليم المهام للشرطي القديم؟ 1521