في ظل همجية الواقع, صار الشارع يضج بالفقر والمآسي وأناس أكل الجوع منهم وشرب في شوارع ألطف ما فيها بشاعتها وأبعد ما فيها الشفقة.. كل شيء فيها جامد إلا اللبس يروق كل يوم بألف لون ولون. وكل حجر نرفعه فيها نجد تحتها دمعة جارية.. وكل ورقة شجر نلمسها مكتوب عليها قصة حزن لا تنتهي وعيون شاردة تموج بالحرمان وجلود احرقها جفاف العمر وفقر اليد وجوع كافر وواقع يلتهم الأبرياء.. وهنا يباغتنا سؤال لماذا لا يستحق الأبرياء العيش حتى يحين موتهم من عند خالقهم بل عليهم أن يعيشوا الموت قهرا كل يوم صار المشي في أي شارع مغامرة كبير لابد من تحمل عواقب ما نرى فيه: آمال ضائعة أطفال جوعى فرص أمان ميتة بطالة وأيادٍ تمتد من كل اتجاه لا مصدر رزق لها إلا ذل السؤال والعوز,, أرصفة تفيض بالتيه والنظر لغد لا شمس له.. كيف يكون له شمس ونحن نرى القهر والظلم ونعجز أن نغير فيه شعره أو نشطب منه حرفا.. أجساد تتخبط والمصير وهم وبؤس وظروف ضنكة وغلاء فاحش يمتد كأخطبوط ينبت كل يوم ملايين الأذرع ليغتال الكادحين.
أصبحنا مكبلين بلقمة العيش المرة والوظيفة المنعدمة والهمم المتراكمة على الأفئدة وقتلتنا اللا مبالاة واللا مسؤولية نسوة عجائز شيوخ أطفال وشباب تائه يتزايدون ويلتفون حولك من كل اتجاه يلقون عليك تحية الجوع وسلام الفاقة ودمع الهموم والنواح يحفرون صخر المشاعر علها تتقاطر بكلمة طيبة ولفتة عند عديمي الإنسانية.
الحاضر يموج بشوارع قاتمة وعيون تطلب المستحيل والرصيف يضيق ويضيق بينما يتسع فيه تساقط الضحايا الأبرياء والفقراء الجوعى.
فكم مرة شاركنا في مسح دمعة جارية وكم طفل شقي ادخلنا على شفتيه فرحة كم فقير باعدنا بينه وبين الجو ع حتى لو برغيف خبز جاف؟ كم بيت ساهمنا في بناء سقفه المشروخ اذا كانت سقوفنا منزوعة السقوف؟ هل نلوم الزمن أو الحياة أو الناس انفسهم أم لعله الواقع أم ماذا بالضبط؟
كيف يمكننا تحمل كل ذلك والتكيف مع كل ما نراه في مآسي؟ هل يجب أن نعتد له ونتمترس وراء ملامح قاسية وقلوب متحجرة وأحاسيس ميتة لنتحمله وكي لا تتفكك رؤوسنا ومن ثم ندسه في التراب؟ وهل نحن مقتنعون بمهمتنا في هذه الحياة أن نصحو فقط كي ننام كأغبياء دون الاكتراث لما ولمن يحدث؟؟ للأسف هكذا صيرتنا الأحداث الراهنة والسياسة الماثلة في دماءنا كمس شيطاني وجعلتنا ننسى كل ما يتعلق بالإنسانية ونسينا عن سبق إصرار وترصد أننا بشر.. فمتى يا هل ترى نتذكر أننا بشر ونتذكر أن هنا شيء يسمى إنسانية تناسيناه ومضينا في دروب التناحر والبغضاء والشتات.
سمية الفقيه
أرصفة الشتات 1376