في ذلك الوقت الذي كنت أتنسم فيه أجواء الثورة باحثة عن أمل وسط كومة هائلة من مخلفات الماضي والحاضر وقعت عيوني عليها.. تبينتها من بعيد وهي تتلألأ وسط حمرة أشبه ما تكون بحمرة الدم قد حفرت فيها عروق امتصت من رونق الحياة, فبدت شاحبة باهتة حزينة تبحث عن الخلاص, اقتربت علي أعرف سرها, فاذا هي دموع مغترب يمني حاول أن يجد له ولعائلته ملاذاً آمناً في أرض شقيقة, متلمساً في الشين شفاء لآلامه وفي القاف قوة تعينه على مواجهة خطوب الحياة وفي الياء يمن أخرى تغدو له وطناً بعد أن عز الوطن وفي التاء تيمننا بالبشر بيد أنه ما أن حطت أقدامه هناك حتى تحول الشين إلى شقاء بين يدي الكفلاء والقاف إلى قهر وذل على يد الأشقاء والياء يأساً يبدد الأمل الخافت في أعماق النفس ويحيله إلى كربة والتاء تخبط أثقل كاهله تسرب حزنه إلى أعماقي, فذهبت أتلمس له الخلاص في عيون أخرى فهالني ما رأيت, فما من عين إلا ومسحة حزن ووهج دمع, فذاك يبكي حلمه الضائع وذاك يبكي واقعاً أثقل عليه وآخر حقاً سلب منه.. أما حروف اليمن فقد غدت بالنسبة لهم يأساً ومغالبةً لمصاعب الحياة ونفوس تهوى الغربة على مرارتها.. أملاً في الخلاص..
ياقوت العواضي
دموع في عيون يمانية 1558