إن من يقرأ السياسة الأميركية وقاعدة تحالفاتها خصوصاً في الوطن العربي يصل إلى قناعة أن لا مكان للمبادئ الإنسانية والآدمية والأخلاقية بأي حال من الأحوال لدى من تطلق على نفسها سيدة العالم, بينما هي لا تعرف سوى مصلحتها.
إن أميركا كثيراً ما تعمد إلى سياسة تفتيت الخصم عبر إشعال الفتن والحروب والقتال في شتى دول العالم وإضعافها وإغراقها في مشاكلها الداخلية، وفق المبدأ الاستعماري (جوع كلبك يتبعك)، وليس ببعيد عنا التدخلات الأمريكية المتعددة الأشكال والألوان الفجة السافرة في كل من تونس واليمن تبعاً للمصالح الإمبريالية الأمريكية، التي تسبب في الحروب المدمرة ومقتل عشرات آلاف المواطنين العرب المسلمين في هذه الدول.
لهذا فإن سياسيين كثيرين نجدهم يشددون على أهمية أخذ العبر والعظات من الانحدار والانحراف في عقد التحالفات المؤقتة أو الجزئية مع الإدارة الأمريكية، سواء أكان ذلك تعاوناً أمنياً أو عسكرياً أو اقتصادياً أو مدنياً أو سياسياً، جزئياً أو شاملاً، مؤقتاً أو منظماً.
وتقوم السياسة الإمبريالية الأمريكية في العالم، على رعاية المصالح الاقتصادية والعسكرية والثقافية الاستراتيجية للولايات المتحدة كدولة استكبار عالمي، دون غيرها، وتعقد في سبيل ذلك، بعض التحالفات المؤقتة المتحركة غير الدائمة، مع قوى الثورة والتغيير، تبعاً للمصلحة الأمريكية العليا، ثم يتم نبذ هذا التحالف في حالة الابتعاد عن تنفيذ المآرب الأمريكية- بحسب الدكتور/ كمال إبراهيم علاونه, أستاذ العلوم السياسية والإعلام رئيس مجلس إدارة شبكة (إسراج).
ولعل الاستثناء الوحيد لتحالف الولايات المتحدة الاستراتيجي الدائم هو التحالف الأمريكي الصهيوني، للحفاظ على الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة (إسرائيل) كقاعدة استعمارية متقدمة في مفترق القارات الثلاث: آسيا وإفريقيا وأوروبا.
هناك عدة طرق تسير بموجبها بوصلة الإمبريالية الأمريكية لإشعال الحروب والفتن والانحلال الأخلاقي ، بدعاوى حقوق الإنسان ونشر الديموقراطية والتقدم والازدهار، في قاراتي آسيا وأفريقيا، في العالمين العربي والإسلامي وغيرها من دول العالم، ويعدد الدكتور علاونه طرق مباشرة وملتوية لها وهي:
أولاً: التوجيه المدني الدبلوماسي والسياسي عبر السفارات الأمريكية في العواصم، فالسفارة الأمريكية في هذه العاصمة العربية أو الإسلامية أو تلك هي الآمرة الناهية في الكثير من القضايا السياسية المحلية والإقليمية عبر توجيه قيادة الحزب الحاكم.
ثانياً: فرض الحصار الاقتصادي والمقاطعة التجارية الدولية للدولة المعنية, حيث تقوم الولايات المتحدة عبر مجلس الأمن الدولي بفرض حصار اقتصادي ومقاطعة شاملة لهذا النظام أو ذاك.
ثالثاً: تقديم العتاد العسكري للطرف الموالي لأمريكا في كافة المجالات والميادين.
رابعاً: الدعم الإعلامي القوي محلياً وعربياً وإقليمياً ودولياً.
وكل هذا من أجل تنفيذ سياسة جوع كلبك يتبعك.. والمصيبة أن الساسة العرب يفقهون ذلك, لكن لا يجدون مناصاً للخلاص منها أو عدم الوقوع في شركها.
إيمان سهيل
أميركا وسياسة "جوع كلبك يتبعك" 1735