;
معاذ راجح
معاذ راجح

ابن فخامته وطباخ الريس 1754

2013-05-19 03:00:30


الشمس حارقة.. والشوارع خالية.. وحده ببدلته الأنيقة ونظارته السوداء يطارد ظله في شارع الستين وصولاً إلى عربية متولي.. يتذوق لأول مرة طعم سندوتش البطاط البلدي المطعم بالغبار الذي تثيره الرياح، وبعبارة شكر بسيطة يقولها الرئيس وهو يغادر دون ان يدفع ثمن ما أكل، وفي المساء يفي بوعده ويستدعي ذلك البائع إلى قصره الفخم ويعينه شيفاً خاصاً للرئيس.
 هذا سناريو لفلم مصري حمل اسم "طباخ الريس " حيث أصبح متولي ناطقاً يعبر عن نبض الشارع، يسمع له الريس ويأخذ رأيه في ما ترفع الحكومة والمخابرات من تقارير عن حياة المواطنين وانطباعاتهم على قرارات الرئيس وجدوى الخطط والبرامج الحكومية في التنمية والاقتصاد ومكافحة الفساد.. وللأسف فإن إعادة إنتاج الفلم على الطريقة اليمنية غير منطقي، ومن سابع المستحيلات.. إذ أن الرئيس هادي لا يجيد التمثيل في دور الرئيس الذي جسده الفنان "خالد زكي"، وهو الحال في دور الطباخ الذي جسده الفنان "طلعت زكريا"، فابن فخامته لن يتقن ذلك الدور وإن كان لديه من الموهبة الكثير، كما يتقنه مواطن عادي من عامة الشعب الكادح والمحروم من أبسط مقومات العيش وما يضيفه من تطابق مع دور الطباخ الذي يعيشه كل يوم على أرض الواقع ويتذوق عذابات حروبه ومراراتها في سبيل لقمة العيش كما هو الحال بأغلبية الشعب المظلوم.
عذراً.. أظن أني أسهبت في المقدمة وأنُسيت الدور الهام لوريث العائلة المالكة وصاحب الشخصية الغامضة والطفولة الاستثنائية والملعقة الذهبية ببريقها اللامع وهي بين أنامله الناعمة، وهذا الدور يمكن أن يضيف إلى الفلم نوعاً من الواقعية والخصوصية اليمنية إن كان حضوره كضيف شرف غير ثقيل كما هو الحال الآن... ربما تتفق معي في حاجة الرئيس الانتقالي إلى طباخ شاطر في التعبير عن تطلعات المواطن الغلبان والمتضرر من سياسة الحكومة والمتأثر سلباً بقرارات الرئيس التي مست حياته اليومية، وقد تختلف معي في عدم حاجته إلى" سند ظهر" مثل الآباء الآخرين، في وجود شباب الثورة والشعب بأكمله؛ فأي سند أقوى وأشد من الشعب قد يحتاج إليه حاكم أو ملك.
 أنا كغيري لا نعرف عن تلك العلاقة الجدلية التي تربط ابن فخامته بنظام الحكم أكثر مما تطالعنا به وسائل الإعلام بين الحين والآخر ورغم تعاملنا مع ما تنقله وسائل الإعلام ببرود ولا مبالاة بمدى صدقيتها وصحتها عن كونها ثرثارات إعلامية وحملات تشويه تستهدف وطنية فخامته وإدارته الحكيمة للأزمة وشؤون الدولة في هذه المرحلة الحرجة، إلا أن علامات استفهام كثيرة تظل عالقة في أذهاننا تعززها التخبطات الحاصلة في قرارات الرئاسة، وتلك الخلافات التي طفت على السطح في تململ وشكاوى المسؤولين في أعلى سلطات الدولة.
من المسلمات التي يمكن الجزم بها أن وسائل الإعلام لا تبني أخبارها على أكاذيب بحتة, كما تقول الآثار" البعرة تدل على البعير، والنار تبدأ بشرارة ", وهذا لا يعني أن كل ما تطالعنا به وسائل الإعلام صحيحة يجانبها الكذب، فالموضوع يكتنفه الغموض كما هو الحال في الغموض الذي يكتنف شخصية ابن فخامته.
 أعرف أني ظلمت ذلك الرئيس الباكي "باسندوة " حين شككت في قوته وإخلاصه، إلا أني على يقين الآن أن مواقفه وما يتعرض له من إساءة واتهام دليل خالص على قوت الرجل ورفضه لمثل تلك الصغائر التي يحشر نجل الرئيس أنفه فيها على حين غفلة من والده الذي نأمل أن يتنبه لصغائر الأمور قبل أن تصبح كبائر تقوض الإنجازات الكبيرة التي حققها خلال المرحلة السابقة، وكي لا تتحول إلى حجارة تعثر خطاه فيما تبقى من المرحلة الانتقالية التي هو مع باسندوه أبطالها مناصفة وفدائها بلا منازع.
 لا نطالب الرئيس أكثر مما هو ممكن.. كل ما نتمناه أن يشاهد فلم "طباخ الريس " كي يفرق بين دور الطباخ ودور الأبن في الحياة السياسية ويعرف خطورة وحساسيته التي يمكن أن يغتال منها الرئيس على حين غفلة كما هو حال سلفه الراحل، وانصح الزعيم الانتقالي أن يقرأ الأثر الذي يحفظه غالبية الصينيون لإمبراطور حكمهم في غابر السنين وتوارثوا ذلك الأثر مع ذكرى طيبة للملك العادل والقانون الذي أسسه للعدالة ونصه " 了解国家的人。才能公平管理他们، إذا عرفت الشعب.. حكمت فيهم بالعدل ".
 التمس المعذرة من فخامته وابن فخامته, فثرثارتي مجرد خواطر صاحبت مشاهدتي لفلم تافه يستحق أن يدرسه الحكام والساسة علهم يغيرون طباخيهم من أجل الصحة للجميع.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد