في سنة 1728م كانت مصابيح الشوارع في غراتس في النمسا تنعم بحماية القانون وذلك بمعاقبة كل من يصيبها تلف ثلاث مرات, بقطع يده اليمنى, ترى كيف لو أتلف أبراجاً كاملة للكهرباء عشرات المرات – كما يحدث في اليمن- كيف كانت عقوبته, بالتأكيد ستكون أبلغ, لكن هنا- للأسف الشديد- في اليمن أبراج الكهرباء وخطوطها تعاني الموت باستمرار دون وجود قانون يحميها ,ويحفظ لها حقوقها في خدمة الشعب والوطن.
إن التفجيرات التي تطال أبراج الكهرباء وإن عبرت فإنما تعبر وبشكل كبير على ضمائر ميتة, وقلوب مقفلة لا تعي معنى الوطنية وماهية الدور التي تقوم به المنافع العامة, ما ذنب الملايين حينما يعشعشوا في الظلام الدامس، ,فالبيوت يملأها الصراخ والبكاء, والمستشفيات يملأها أنين من صارت الكهرباء تسري في عروقهم لتمدهم بالحياة وأمل الشفاء, ما ذنب مرضى الفشل الكلوي والمرضى الذين يحتاجون إلى عمليات مستعجلة لإنقاذ حياتهم؟، ما ذنبهم ليعاقبوا بالموت البطيء؟، كم من مرضى فقدوا حياتهم بسبب التفجيرات اللا إنسانية التي تطال خطوط وأبراج الكهرباء , وكم من أطفال فزعوا, ونساء فجعت, ومصالح توقفت, وجرائم فعلت, وحياة توقفت.
لا شك أن من يقومون بهذا العمل الإجرامي إنما يحملون في صدورهم حقداً وغلاً على شعب ووطن بأكمله لا على أفراد, لم يحدث إطلاقاً في أي بقعة في العالم ما يحدث في يمن الإيمان والحكمة من تخريب وتدمير ممنهج للمصالح العامة سواء كانت أنابيب للنفط أو أبراجاً للكهرباء أو غيرها من الخدمات العامة.
إن استمرار عمليات التخريب يدل وبشكل واضح على أن منفذي هذه العمليات لديهم الدعم السخي واللامحدود, من مواقع لطالما أحبت الشر لهذا الوطن الأرض والإنسان , ولكن لم تجد من يقول لها قفي عند حدك, ومن جانب آخر يدل هذا الأمر وبشكل أكبر على فشل الحكومة الذريع في وقف هذه العمليات والحد من استمرارها ومتابعة ومعاقبة كل من يقوم بها ويمولها, أي أنه يجب على الحكومة بسط هيبة وهيمنة الدولة في كل الميادين على السواء, وأن تأخذ هذه الإشكالية بعين الاعتبار ولا تغض الطرف عنها كما فعلت مراراً وتكراراً، فقد سئمنا الأخبار المتوالية (خروج محطة الكهرباء عن العمل - تعرض خطوط نقل الطاقة للتخريب) ولكن نريد أخباراً تقول في مضمونها (تم كشف المخربين وتم القبض عليهم – تم كشف الداعمين ومحاكمتهم) وكذا على الحكومة سن قانون خاص يحدد العقوبات لكل من يقوم بعمليات التخريب والتدمير للمصالح العامة , وهنا ما زال الشعب يتألم ويصرخ بصوت عالٍ: أما آن لمسلسل (دموع أبراج الكهرباء) أن ينتهي؟ أم أن أجزاءه ما زالت تتوالى، بل وحصرية في يمننا الجريح؟ وفي الأخير يبقى السؤال المحير كما هو: هل باستطاعة أفراد معدودين أن يواجهوا دولة بكل ما تمتلك من قوة وعتاد؟.. طبعاً للجميع فرصة الإجابة.
ومضات وطنية:
• خبز الوطن خيرٌ من كعك الغُربَة – فولتير
• خائن الوطن من يكون سبباً في خطوة يخطوها العدو في أرض الوطن - جمال الدين الأفغاني
• ما أكثر الأوطان التي يبدأ فيها سجن المواطنين بالنشيد الوطني. – أدونيس
• الوطن شجرة طيبة لا تنمو إلا في تربة التضحيات وتسقى بالعرق والدم - ونستون تشرشل
• الوطن هو المكان الذي نحبه، فهو المكان الذي قد تغادره أقدامنا لكن قلوبنا تظل فيه - أوليفر وندل هولمز
• لست آسفاً لأنني لا أملك إلا حياة واحدة أضحى بها في سبيل الوطن – شيشرون
• وطني لو شُغِلْتُ بالخلد عنه... نازعتني إليه في الخلد نفسي – أحمد شوقي.
سليمان عياش
مسلسل "دموع أبراج الكهرباء " مستمر معكم !! 1740