;
محسن خصروف
محسن خصروف

القوات المسلحة اليمنية بين: سندان المتربصين بالأمن القومي ومطرقة الفاسدين 1644

2013-05-14 16:02:45


لن أتحدث في هذه المقالة عن حادث سقوط الطائرة الحربية سوخوي 22للمرة الثانية وخلال بضعة شهور، واستشهاد قائدها كما حصل تماماً لرفيقة الشهيد السابق، ولن أتحدث عن القوات الجوية بالمرة، فما حدث يعرفه الجميع، ويتألم له الجميع لدرجة أن نحت اليمانيون بفعل هذه الحوادث الدراماتيكية نكتة تقول إن سكان صنعاء حين يودعون أولادهم وهم ذاهبون إلى المدارس يقولون لهم: "ابصر مطلع، انتبه لا تصدمك طيارة حربية" ويكفيني أن أقول إن الشعب اليمني بات يرجو وبإلحاح من الرئيس هادي أن يعيد النظر في الكثير من أمور القوات المسلحة وعلى رأسها القيادة، ثم أقول:
لا شك أن هناك من يرغب وينشط بكثافة وبقوة، من أجل تحقيق رغبته في تدمير القوات المسلحة اليمنية، أو في أسوأ الأحوال، بقاء الحال على ما هو عليه، فلا هي قوات نظامية نوعية محترفة منضبطة ذات مقدرة عالية ونظم وقوانين وتقاليد عسكرية قوية فاعلة ومفعّلة في واقع الممارسات المهنية، ولا هي مليشيات مسلحة لديها أهداف سياسية تقاتل من أجل تحقيقها، ولا عبرة في هذا الحال بالكثرة العددية على الورق أو في الواقع..... وأصحاب هذه الرغبة أو الطموح يتوزعون ما بين:
- أصحاب المصالح الأنانية الضيقة، عتاولة وأساطين الفساد والإفساد مالياً وإدارياً وسياسياً، على مستوى الداخل.
- ذوي النزعات التوسعية الاستعمارية الطامعين في التحكم في اليمن، الجغرافيا والسكان والثروة، على مستوى الخارج.
وبالتأكيد فإن هناك رغبة مقابلة وقوية، أما أصحاب هذه الرغبة فإنهم الطامحون بشدة والساعون بقوة وصدق وإخلاص إلى أن يروا على أرض الواقع مؤسسة عسكرية وطنية دفاعية قوية تقوم على الاحتراف المهني الخالص بكفاءة واقتدار عاليين وولاء مطلق للشعب, بعيداً عن كل أشكال التجاذبات ما دون الوطنية.
 وهؤلاء هم الشعب اليمني، كل الشعب، ورموزه وقياداته الوطنية العسكرية والسياسية، باستثناء الأقلية المشار إليها أعلاه.
إن اليمن بلد يطل على ساحل يمتد إلى ما يقارب الـ 2400كم، على البحرين العربي والأحمر، وبه مضيق باب المندب بالغ الأهمية الإقليمية والدولية على المستويات: السياسية، الاقتصادية والعسكرية، وله حدود برية طويلة وجيران يتملك بعضهم شبق القضم اليومي للأطراف البرية والبحرية من اليمن، وفضاء يتطلب الحماية وثروات طبيعية كبيرة ظاهرة وباطنة وقبل هذا وبعده يعيش على ظهره شعب يريد أن يحيا حياة كريمة متحررا من عبودية البترودولار وهيمنتهما، واللجنة الخاصة ومخططاتها الإذلالية الجهنمية في اليمن، وتواقا إلى إقامة الدولة المدنية الحديثة، دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية، خارج دائرة التسلط الأيديولوجي، الدولة القائمة على الديمقراطية والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة التي يصبح من المستحيل قيامها في ظل الحال القائم من تعدد وتجاذب، بل وتصارع مراكز القوى والهيمنة العصبوية المختلفة ما لم تتوفر له قوة دفاعية وطنية مقتدرة منحازة وموالية له ولاء مطلقا، بعد الله، ومؤسسة أمنية يكدح المواطنون لنحت مستقبل حياتهم في ظلالها.
إن الإشاعات المتداولة عن إمكانية أن تساوم القيادة السياسية والعسكرية، أو اللجان المختصة بإعادة بناء القوات المسلحة على الدور الوطني الاستراتيجي لمؤسستنا الدفاعية لا غرض لها إلا إثارة المزيد من البلبلة والشكوك والإقلاق في أوساط المواطنين حول مستقبل الأمن القومي اليمني ومقدرتنا على حماية السيادة الوطنية أو التنازل عنها للأمريكان والجارة السعودية التي يتمنى حكامها، وكذلك العم سام، ألا يزيد تسليح الجيش اليمني عن الهراوات التي يقمع بها الجند المسيرات المطالبة بالحرية والحياة الكريمة، ناهيك عن البنادق من أي نوع. ومروجو هذه الإشاعة ينطلقون من تصريحات تتحدث عن الحاجة إلى تخفيض عدد القوات المسلحة من حوالي 450000 جندي وصف وضابط إلى 250000 فقط، وهذا في رأي أصحاب الإشاعات مما يعرض الأمن والسيادة الوطنيين للخطر لأنه يغري الطامعين في التوسع على المزيد من التمادي في القضم.
إن الرقم الكبير(450000) المشار إليه لتعداد القوات المسلحة هو رقم على الورق ليس إلا، أما ما هو موجود على أرض الواقع في مسرح العمليات فهو دون ذلك بكثير، إنها مجرد أسماء وأرقام في السجلات المالية ترهق الموازنة العامة للدولة، حيث يتم الإنفاق عليها دون أي مردود عملي في ميدان الدفاع الوطني، إنها أسماء يأتي أصحابها أو من ينوب عنهم نهاية كل شهر ليستلموا نصف مرتب أو ربعه أو ثلثه ويعودون إلى منازلهم، فيما يذهب الباقي إلى جيوب المنتفعين المباشرين وغير المباشرين.. وبقاء الحال على ما هو عليه جناية، بل جريمة كبرى في حق الوطن والمواطن الذي يتوق إلى حياة معيشية آمنه من الفاقة والعوز، وعائق أكبر من عوائق التنمية، الأمر الذي يجعل من التوجه نحو تخفيض القوات المسلحة إلى رقم فعلي أدنى، من خلال الإحالة إلى التقاعد، توجها وطنيا صادقا يسعى بجدية إلى البناء الكيفي للقوات المسلحة لتتم تلبية الاحتياجات الدفاعية بقوات مقاتلة نوعية تحقق أهداف الإستراتيجية العسكرية اليمنية والأمن القومي اليمني باقتدار أعلى وتكلفة أقل لا تكون على حساب الأمن الاجتماعي الذي عنوانه العريض "حياة معيشية مستقرة في مأمن من الفقر"....
 والذين يقولون إن الأعباء المالية ستستمر من خلال الراتب التقاعدي يجهلون، أو يتجاهلون عن قصد، أن الراتب الشهري ليس إلا نقطة صغيرة في بحر الإنفاق على القوات المسلحة، يجهلون، أو يتجاهلون عن قصد، بقية مفردات الميزانية الدفاعية وأبوابها في مجالات الغذاء والكساء والدواء والإيواء والبناء والتشييد والتدريب والإعداد القتالي والمعنوي والتأهيل العالي النوعي والمعدات والآليات والسلاح والأنشطة المختلفة التي تكلف الميزانية العامة للدولة أرقاما فلكية من المال تشكل، بحق، عبئا كبيرا وعائقا أكبر من عوائق التنمية المستدامة على مستوى المجتمع ككل.
إن البناء النوعي للقوات المسلحة اليمنية بات أمرا ملحا بالإجماع الوطني، إلا أن البناء المأمول سيكون عسير المنال ما لم تقم القيادة العسكرية باتخاذ التدابير الجادة الفاعلة لكبح جماح الفساد والحد منه سيرا نحو القضاء عليه بشكل نهائي في القوات المسلحة. ومن المعلوم أنه لن يتحقق أي فعل إيجابي في طريق مكافحة الفساد في ظل استمرار تدوير الفاسدين على المناصب المختلفة رأسيا وأفقيا، وفي ظل عدم الأخذ بمبدأ الأقدمية في التعيينات في المراكز القيادية، وفي ظل استمرار الركون إلى أهل الثقة بدلا من أهل الخبرات والكفاءات والولاء الوطني المطلق، وفي ظل الجمع الموجع للوطن ومقدرته المالية بين القيادة والصلاحيات المالية "التملُّكية" المتحررة من الرقابة ومبدأ الثواب والعقاب الذي صار غريبا وسط غابة المصطلحات النكرة السائدة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد