;
محمد الحميري
محمد الحميري

الدور الإيجابي المؤمل من الحراك ودول الخليج والمملكة 1410

2013-05-08 03:25:22


الشعب اليمني موحد عبر القرون، ولم يكن أحد من أبناء اليمن بشماله وجنوبه يجد صعوبة في التنقل من منطقة لأخرى دون قيود أو عوائق، ويشعر ويتصرف في أي منطقة من مناطق اليمن وكأنه في قريته ومدينته التي ولد فيها، ولم يؤمن في يوم من الأيام أن أبناء الجنوب شعب وأبناء الشمال شعب آخر، وأثناء التشطير، تولى الشماليون مناصب في مختلف السلطات والهيئات في الدولة, بل وصلوا إلى رئاسة الحزب ورئاسة الدولة، ولم يشعر أحد أو يتفوه بأن هؤلاء ليسوا من أبناء الوطن, وكذلك في الشمال تولى الكثير من أبناء المحافظات الجنوبية مناصب وتقلدوا حقائب وزارية ودرجات عسكرية وبنفس الروح التي كان يعامل بها أبناء الشمال في الجنوب كان يعامل بها أبناء الجنوب في الشمال, ماعدا الرئاسة, كغيرهم من أبناء محافظات أخرى في الشمال، وكانت الوحدة في 22مايو1990تحصيل حاصل, لأنها كانت إرادة شعب, فهللت لها القلوب والمشاعر وتفاءل الجميع في الشمال والجنوب بإعادة الروح إلى الجسد، وما علموا أن شركاء الوحدة أتوا إليها فارين مما يعانونه وكل طرف يتربص بالآخر لينقض عليه، حتى يصفو له الجو، فمنذ الشهور الأولى للوحدة أدخل الطرفان البلاد في أزمة وصراعات واستقطابات غير المشروعة بإغراءات ومكايدات واستخدمت كل الوسائل غير الأخلاقية، بعد الانتخابات النيابية 1993 م اتسعت الفجوة حتى اندلعت حرب 94 التي لا نبرئ أي طرف منهما في إشعالها والتي بدأت بالمواجهة المسلحة بين اللواء الأول التابع للحزب الاشتراكي المتواجد في عمران واللواء الثالث الذي يتبع نظام صنعاء، بعدها اندلعت الحرب الشاملة في 27ابريل1994والتي انتصر فيها نظام صنعاء، وبمشاركة فاعلة من شريحة عريضة من قيادات وأفراد من أبناء المحافظات الجنوبية، ولولا أن أبناء المحافظات الجنوبية كانوا مع الوحدة ويرفضون الانفصال ما استطاع هذا الطرف حسم المعركة بأي حال من الأحوال..
كان المواطنون في المحافظات الجنوبية يعتقدون أن حسم الحرب لصالح الطرف الذي رفع قميص الوحدة والتف حوله معظم أبناء الشعب اليمني في شماله وجنوبه, كانوا يعتقدون أنهم بعد ذلك سيعيشون في أمن وأمان واستقرار وعيش أفضل وبكرامة أكثر مما كانوا عليها أيام الحزب الاشتراكي, خاصة أن هناك أخطاء جسيمة ارتكبها الحزب إبان حكمه للشطر الجنوبي ولكن المفاجأة وخيبة الأمل أصيبوا بها منذ الوهلة الأولى لدخول قوات ما يسمى حينها بالشرعية عدن، وذلك بإباحة عدن وما رافق هذا الدخول من سلب ونهب وممارسات لا تمت للقيم والأخلاق بصلة، تبع ذلك تسريح لمعظم أفراد الجيش من أبناء المحافظات الجنوبية وكذا في الوظائف المدنية، وبدأت المعاناة والاغتراب النفسي داخل الوطن، والشعور بالظلم والضيم ولم يعر النظام ذلك أي بال, فتلذذ بغرور النصر مزهواً بانكسار الشريك وخروجه شريداً طريداً, معتقداً أن الحظ ضحك له إلى الأبد، وأصبحت الأرض ومن عليها ملكاً له لا يشاركه فيها أحد، يمنح من يشاء ويحرم من يشاء ويقرب من يشاء ويطرد من يشاء، وأي ناصح أمين يعتبره خصماً ويطلق عليه كل عبارات التخوين والانفصال، حتى وصل الحال إلى طريق مسدود لا يطاق وكان حراك 2007.
ومع بداية الحراك كادت أن تقوم ثورة عارمة في كثير من المحافظات الشمالية وفي مقدمتها تعز التي بدأت بمسيرات ولكن رفع الحراك شعار الانفصال حجم هذه المسيرات في المحافظات الشمالية واستطاع النظام السابق أن يلعب على نغمة الانفصال والانفصاليين لتجميد أي حراك في الشمال.. أرسلت لجان عدة للمحافظات الجنوبية ولكن لم تكن هناك إرادة سياسية صادقة لمعالجة القضايا وحل مطالب الحراك الذي بدأ مطلباً حقوقياً من قبل المتقاعدين والمسرحين والمبدعين قسراً، ولم يكن الحال في المحافظات الشمالية أحسن حظاً من المحافظات الجنوبية فالظلم الذي يمارس في الجنوب يمارس أيضاً في الشمال ويعاني منه الملايين ،وكان للحراك الجنوبي الفضل في إيقاظ الإحساس وروح المقاومة لدى أبناء المحافظات الشمالية, فاندلعت ثورة الشعب السلمية في11فبراير 2011من تعز تردد صداها في مختلف محافظات ومناطق اليمن, فكان بركان عارم لا قبل للنظام وأعوانه به, حتى أيقن النظام أن رحيله حق لا محالة رغم ما جربه من بطش وقتل وإراقة دماء أبرياء كانوا يواجهون كل جبروته بصدور عارية وقلوب واثقة بالنصر.. وكانت المبادرة الخليجية والتوقيع عليها بولادة قيصرية حتى وصلنا إلى يوم 21فبراير2012م التي تم فيها انتخاب المشير/ عبدربه منصور هادي رئيساً للبلاد خلفاً للرئيس السابق، واصبح التغيير حقيقة لا خيالاً.. بعد الانتخابات الرئاسية أصدر الرئيس هادي قرارات متدرجة كان آخرها القرارات العسكرية التي قسمت مسرح القوات المسلحة إلى سبع مناطق عسكرية وهذه القرارات في واقع الأمر أحدثت تغييرات عميقة وإلى حد كبير قضت على مراكز القوى في الجيش، ولا زال الشارع ينتظر قرارات جوهرية في شتى المجالات العسكرية والأمنية والمدنية تعزز الثقة والاطمئنان لدى المواطن بأن الماضي الأليم قد طوي إلى غير رجعة، وتعزز الوحدة الوطنية وخاصة ما يتعلق بالحقوق وإعادة المظالم إلى أصحابها في المحافظات الجنوبية, بحيث يلمس المواطن جدية الدولة في توجهها الجديد.
في هذه الأيام تتجه الأنظار إلى مؤتمر الحوار الوطني والأكثرية من أبناء الشعب يؤملون الكثير على هذا المؤتمر رغم التشكيكات من قبل المغرضين ورغم التصرفات المحبطة من قبل بعض أعضاء مؤتمر الحوار، ولكن في حقيقة الأمر يظل هذا المؤتمر فرصة تاريخية ثمينة لبناء يمن جديد يسوده العدل والمواطنة المتساوية والشراكة الفاعلة في السلطة والثروة إذا استشعر المتحاورون مسئوليتهم التاريخية وعملوا بتجرد ومسئولية لصالح الوطن وترفعوا عن الصغائر والمشاريع الضيقة، وخاصة اذا استشعر الحراك الجنوبي هذه المعاني, فهو الأكثر قدرة على إخراج اليمن من محنته ورسم المعالم المشرقة لمستقبله نظراً لعدالة قضيته وتعاطف كل أبناء اليمن واستعدادهم للتضحية معه، فإذا وضف عدالة القضية وحماس الناس معه لخير اليمن فلا شك انه سينتصر للجميع، وبالدرجة الأولى سينتصر للوطن وسيرد له اعتباره، أما اذا أخذته النشوة بإيمان الجميع وتعاطفهم مع قضية الجنوب وأخذه الغرور إلى تجاوز مصلحة الوطن وحولها البعض منهم إلى مناكفات وابتزاز وشعارات بعيدة عن الواقع فإنه بذلك سيقع بما وقع به النظام السابق من غرور ونشوة بعد حرب صيف 94 م ولم يعر الآخرين أي اعتبار فكانت نهايته على غير ما يتوقع ، فإذا سلك الحراك هذا المسلك فإنه سيفوت على نفسه وعلى جميع أبناء الوطن هذه اللحظة التاريخية التي صنعتها أرواح الشهداء ودماء الجرحى وأنينهم وسيكون سببا بعودة مراكز القوى القديمة ومراكز قوى جديدة إلى الحالة التي كانت عليه البلد قبل الثورة السلمية المباركة وسيصحو على وهم كبير عند فوات الأوان.
الأمل كبير أن الخير سينتصر على الشر وأن الجميع سيستشعرون المسئولية وسيعملون بضمائر حية بما يرضي الله ويخدم المواطن . كما أن الأمل بالدول الراعية أن تكون اكثر جدية وتعاوناً مع الرئيس هادي لإخراج اليمن من محنته خاصة بالضغط على الجهات المعرقلة واذا تطلب الأمر فرض عقوبات صارمة على هذه الجهات، مع دعم التنمية التي بدونها لن يكون هناك أمن أو استقرار, والأمل الأكبر على أشقائنا قادة دول الخليج وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين أن يستشعروا ويؤمنوا أن وحدة اليمن واستقراره أمان لهم واستقرار لدولهم, مما يحتم عليهم الدعم الصادق لليمن وعدم السماح لأي عنصر مغرض الانطلاق من بلدانهم لتنفيذ مخططه الهدام ضد اليمن، وأن تلقى العمالة اليمنية المتواجدة في بلدانهم الرعاية والتسهيلات وتذليل العوائق التي تعترضهم كما هو الحال في قضية العمل عند الكفيل التي يعاني منها المغترب اليمني في المملكة والتي أصبحت تؤرق الجميع، كونه اذا طبقت ولم يراع فيها خصوصية المغترب اليمني فإنها ستلقي بضلالها على الوضع اليمني بكل جوانبه، وستعرض العملية السياسية برمتها إلى منزلق لن تكون آثاره محدودة على اليمن بمفرده بل ستتعداه إلى من حوله وخاصة المملكة ودول الخليج، وستجد القاعدة لها تربة خصبة جداً مستغلة الفقر والحاجة وروح الانتقام، أما المد الإيراني عند ذاك فحدث ولا حرج..
رغم كل المخاطر التي ذكرتها إلا اني أثق أن كل الأطراف مدركون ذلك، ولهذا سيتغلب الأمل على اليأس وسنتجاوز كل المحاذير التي ذكرتها بتعاون وتكاتف كل الأطراف الداخلية والخارجية آنفة الذكر ومعها كل شرفاء الوطن الذين يعملون بصمت وتفان بعيداً عن الأضواء والاستعراضات الزائفة.. وكأني أرى الفرج يلوح بالأفق قادماً إلينا, مستشعراً قول الشاعر:
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها .. فرجت وكنت أظنها لا تفرج.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد